د.عمرو هاشم ربيع

ديمقراطى انتخب دكتاتور !!

الثلاثاء، 04 ديسمبر 2012 08:15 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لعل أكثر ما يغضب المرء أن يشعر أنه خدع من شخص أو نظام، ويزداد الغضب إذا كان المغدور أو المخدوع كان يحسب نفسه من الذكاء الذى يمنع الآخرين من أن يتسيدوا عليه.

هذه المقولة تنطبق على العبد لله، فطوال تاريخى كانت كتاباتى كلها ترتبط بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، أصدرت وشاركت فى إصدار عشرات الكتب والأبحاث معظمها صادر عن المركز العريق، مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام بحكم انتمائى إليه منذ عام 1985، وتشهد المكتبة على تلك الكتابات، كما يشهد عليها القاصى والدانى.
إلى جانب تلك الأعمال كانت هناك ثلة من الندوات وورش العمل التى تتلمذ خلالها ثلة لا بأس بها من أعضاء مكتب الإرشاد وشورى الجماعة، التى كانت تدعى إلى تلك الورش إلى جانب باقى الأحزاب والقوى السياسية والشخصيات العامة فى الحكم والمعارضة. الشهود أحياء يرزقون، تعلموا فى تلك الورش فن الكلام والحوار والانفتاح على النخبة الحاكمة فى هذا الوقت، وكانت الغالبية العظمى من تلك الحوارات تدور على أرضية الغبن الذى تتعرض له المعارضة من تزوير وتزييف فى إرادة الناخبين، وأعمال الاعتقال والحبس والأحكام العسكرية وغيرها.

هذا العبد لله يشعر بضيق أكثر من أى شخص آخر، لأنه غدر به وخدع، لأنه فى النهاية انتخب دكتاتور. فى الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة انتخبت حمدين صباحى، وفى الجولة الثانية وجدت نفسى فى لقاء صعب كغيرى من الناخبين، وذلك فى الخيار بين ثورجى مدعى ثورة، لأنه لحق أو لحقت جماعته بها بعد جمعة الغضب بأيام قليلة وبين متهم بنهب أموال الدولة. تذكرت مقولة الصديق عبد الحليم قنديل وإن اختلفت معها باعتبارها سبًا خارج عن المألوف قال: يقول الله فى كتابه (حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه). لكن يبدو أن الموت جوعًا كان هو الخيار الأكثر ملائمة.
ماذا حدث؟
انتخبت منفذا، فإذ بى بعد شهر واحد أفاجأ أنى انتخبت أيضًا مشرعا، قلنا لا ضير طالما أطيح بالعسكرى، ولكن بعد خمسة أشهر فوجئت بأننى انتخبت قاضيا إلى جانب المنفذ والمشرع. إله من الطراز الأول، عضو فى جماعة تبرر كل شىء بالدين. حجج نعم لأى موقف تبرر بقال الله وقال الرسول، وحجج لا" تبرر بنفس الطريقة، وربما تتبادل المواقف فى أوقات مختلفة، فيصبح الرد على الانتقادات هو تغير الظروف. كأنك فى سيرك، حناجر تتوعد الأخر بالتنكيل والانتقام، إلى جانبهم أناس كأنهم جاءوا وهبطوا علينا فجأة من الفضاء هم السلفيون، محرمو الخروج على الحاكم (مبارك)، ورافضو التعاطى بالشأن السياسى عكس الإخوان المسلمين. إلى جانب كل ذلك الأفعال، تغلق قناة بسبب تلاسن قيادى إخوانى مع مذيعة، بحجة أن القناة تسبح خارج السرب الإعلامى، القول صحيح لكن التوقيت مفضوح ومكشوف، أحكام محاكم لا تنفذ ومن من، من مجلس الشورى، الذى كان يفترض ألا يطعن أصلا على الأحكام كما كنا نشاهد أيام مبارك، فما بالك بعدم تنفيذ الأحكام. وزير إعلام يعاقب مذيعى ومعدى قناة النيل للأخبار لأنهم تجرأوا واستضاقوا ضيف انتقد جماعة الإخوان.

غوغاء وفوضويون يحاصرون المحكمة الدستورية، أعمال بلطجة لمنع دخول قضاة المحكمة، والرئيس يتفرج على مريديه، والأمن المأمور منه لا يتدخل. وكيف يتدخل والبلطجية مأمورون بأوامر الرئيس الذى قام بالأمس بإصدار إعلان ذبح فيه القضاء. قبل ذلك بيوم واحد شاهدنا مأساة كبرى، أعضاء الحزب الحاكم يتظاهرون أمام جامعة القاهرة. هل يتصور أحد أن الحزب الحاكم يتظاهر، المعروف أن المعارضين هم الذين يتظاهرون، أما من الحكام، فلم نشاهدهم يتظاهرون إلا كما شاهدنا مريدى القذافى وهتلر وموسولينى.

أما الدستور فهو حكاية أخرى، جمعية اختيرت على أساس فرز حزبى، وبعد ذلك تنعقد لسلق دستور بشكل غير دستورى، 85 بدلا من 100، أكثر من 10 ساعات لسلق عشرات المواد. تعديل واضح فى المواد التى اتفق عليها قبل انسحاب الأخرين. خذ عورات الدستور فى عشرات المواد التى ترجعنا للخلف لعقود. تعريب العلوم، الرقابة على الصحف بدعوى الأمن القومى ومقتضيات المجتمع على عكس دستور مبارك، الرئيس أصبح يضاهى سلطة البرلمان فى اتهام الوزراء، يستفتى الشعب ولو على أحكام المحاكم، يعين رؤساء الهيئات القضائية، يعين رئيس الوزراء من خارج حزب الأغلبية، ورغم سلطاته التنفيذية الكبيرة لا يحاسب إلا جنائيًا، إمكانية حل النقابات المهنية على عكس نظام مبارك، عودة مادة العمال والفلاحين فى انتهازية واضحة للحصول على أصواتهم فى الانتخابات القادمة، وعيرها وغيرها من مواد التخلف والاستحواذ والهيمنة...

بعد كل ما سبق يريدون الشعب يستفتى بنعم للدستور، والقضاء يشرفون على الانتخابات، والليبراليون يسيرون على هواهم لأنهم يجهزون على نظام مبارك، فتحت دعوى هذه الإجهاز -الذى نتفق معه- تنتهك كل المعصومات، ويتحولون إلى ما هو أسوء منه بكثير..... وسلمى على الثورة.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة