كل الشواهد تشير إلى أن الرئيس محمد مرسى وجماعة الإخوان تراجعوا عن كل وعودهم للقوى الوطنية، ومنها تعهدات مكتوبة أو شفهية تتعلق بالسياسة وعدم الانفراد بالإدارة، وأن يكون هناك مشاركة. ومن هذه التعهدات وعود تم قطعها لحلفاء أيدوا مرسى فى الإعادة فى مواجهة منافسه فى جولة الإعادة.
ما جرى أنه تم التراجع عن كل هذه التعهدات كاملة، والتمسك برأى واحد مع الرغبة فى احتكار السلطة. ورفض التفاعل مع أى من المطالب أو المبادرات، بما يقود إلى قسمة وصدامات واستقطابات. يبدى النظام تجاهلا لمطالب المتظاهرين أو مطالب القوى الوطنية ويتمسك بإعلان دستورى ديكتاتورى متسلط، ثم يطرح مشرع الدستور فى ظل حالة من الاحتقان والتوتر بزعم الاستناد إلى الإعلان الدستورى الذى تم استفتاء الشعب عليه، يستدعى الإعلان عندما يريد، ويتركه عندما يشاء. مثلما يفعل مع الثورة. ويكتفى فى مواجهة الرفض الواسع، بمزاعم وقصص عن مؤامرات ومخططات لإسقاط الرئيس، لا يقدم دليلا عليها. كل هذا أدخل البلد فى أزمة، يبدى الرئيس وجماعته تجاهلا لها، بنفس طريقة مبارك. ويرفضون مبادرات، بتعطيل أو إلغاء العمل بالإعلان المتسلط، وتأجيل طرح الدستور للاستفتاء، ومنح فرصة لمناقشته.
كل هذا يقود للتصعيد، ويكسر جسور الحوار بين النظام والشعب، بل إنه يدعم القول إن الرئيس ينحاز لجماعة الإخوان أكثر مما ينحاز للشعب، ويصر على أن يكون رئيسا لتياره، وليس لمصر.
ويتزامن ذلك مع فشل النظام فى إقناع الشعب بنجاح سياساته، على المستوى الاجتماعى والاقتصادى، ويتمسك بحكومة أقل كثيرا من المأمول فى مرحلة اقتصادية وسياسية صعبة.
ومازلنا نرى مؤشرات على استمرار سياسات النظام السابق، سواء فى طريقة التعامل مع الأحداث والأزمات والإصرار على أنه مجرد سوء فهم. أو فى منح المناصب للموالين والتابعين، وليس للكفاءات والخبرات.
أحد أهم الظواهر اللافتة للنظر فى نظام مبارك كان الجمع بين المناصب للشخص الواحد، والخلط بين التشريعى والتنفيذى والحزبى. رأينا شخصا مثل المستشار حسام الغريانى يتم وضعه على رأس مجلس القضاء، ثم رئاسة الجمعية التأسيسية، ثم رئاسة المجلس القومى لحقوق الإنسان. ولو نظرنا سنجد بعض الأسماء الموالية تم وضعها فى المناصب والمجالس، بناء على الولاء، وحتى لو كانت من ذوى الكفاءات فإنها لا تحصل على المواقع ضمن مفاضلة أو تكافؤ فرص، وإنما بالتعيين المباشر. ويزعمون أن الرئيس يتعرض لضغوط، من دون أن يعلنوا عن الطرف الذى يمكنه الضغط على رئيس يحوز كل السلطات التنفيذية والتشريعية بل ويتدخل فى القضاء.
كل هذه مؤشرات على أن الأزمة السياسية جزء من أزمة كبرى، تجعل من نظام الرئيس مرسى تكرارا للنظام السابق، مع تغيير الوجوه. والواضح أن الرئيس لا يستخدم سلطاته فى تنفيذ ما تطالب به القوى الوطنية، بينما يسىء استعمالها فى تقوية سلطاته وجماعته. ومن هنا يبدأ الطريق المسدود.