استمع الرئيس محمد مرسى لصوت العقل وبدأ فى الحوار الوطنى واتجه للنصائح السلمية قبل فوات الأوان وسقوط الدولة فى بحر الدم والصدامات والاشتباكات التى تمزق النسيج الوطنى للبلاد.
رغم التأخر فى التحرك إلا أن الفرصة سانحة للحلول العاقلة بعيداً عن الديكتاتورية أو فرض سياسة الأمر الواقع.. ولا شك أن تأخير التصويت فى الاستفتاء بالخارج خطوة جادة وتبدى حسن النوايا لإنهاء الأزمة وأدت لحالة من الارتياح للقوى الوطنية ودفعت الدكتور البرادعى والدكتور أيمن نور للتجاوب السريع والتباحث مع جميع الجبهات ودخلت الأمور فى مراحل التفاوض بعيداً عن العناد.
فالتفاوض والحوار خير وسيلة لحل المشاكل وليس القوة وكثيراً ما شهدنا حروباً لعشرات السنوات لم تنه مشاكل وجلسة حوار ومفاوضات جادة تحسم الأمر.
تغير سياسة الرئيس بالعودة لطاولة الحوار شىء جيد لا يقلل من هيبته وهيبة الدولة ومن الواضح أنه بدأ يتجه لأصحاب العقول الناضجة مثل نائبه المستشار مكى وبقليل من التظاهر والتواصل ستنتهى الأزمة وتخرج مصر من عثرتها بعيداً عن مهاترات الحرب الأهلية التى يتناولها الكثيرون على مواقع التواصل الاجتماعى الفيس بوك وتويتر، بخلاف مئات الشائعات التى تثير البلبلة والارتباك فى الشارع المصرى.
ومن المفارقات الضاحكة والمخيفة فى نفس الوقت إعلان بعض الشباب الغاضب استقلال المحلة كدولة مستقلة بعيدا عن مصر رفضاً لحكم الإخوان، وهو لاشك مشهد كوميدى جذب وسائل الإعلام العالمية وأضحك المصريين، لأن مصر لا يمكن أن تتمزق بهذا الشكل، لإنها نكتة رددها وكررها شباب آخرون فى الإسكندرية والمنصورة لا يدركون جميعاً أن مصر محروسة إلى يوم الدين، ومصر ليست ملكاً لأحد سواء إخوان مسلمين أو غيرهم.
وأيضاً لا يجوز أن تستمر لغة مؤيدى الرئيس مرسى بالحديث عن حماية الشريعة الإسلامية التى يجب أن نبعدها تماماً عن الأحداث السياسية ولا مجال لإقحام الصخب السياسى فى الدين حتى لا تحترق كل أوراق اللعبة، والله سبحانه وتعالى إلهنا جميعاً وليس الإخوان المسلمين فقط، والذين بدأوا يشعرون بحالة الغضب والاستياء منهم لكثرة مواقفهم الخاطئة والاتجاه للغة الحشد عند أى تظاهرة أو تجمعات لجبهات المعارضة، وأعتقد أن أحداث الاتحادية وسقوط شهداء بغض النظر عن كونهم ينتمون للجماعة أو المتظاهرين المعارضين للإعلان الدستورى فالخسارة واحدة وتؤكد فشلهم فى تولى مقاليد الحكم بالقوة التى لا مجال لها مع الشعب المصرى الذى لا يخشى الموت فداء الحياة الكريمة القائمة على الحرية والعدالة والمساواة.
سيادة الرئيس محمد مرسى، لغة الحوار هى التى ستخرج بنا إلى بر الأمان من الأزمة الراهنة وليس الأسلاك الشائكة حول محيط الاتحادية، والرؤساء والزعماء يكتسبون شعبيتهم بالحب والتقارب وارتباط القلوب والإحساس بآلام شعوبهم وليس بالجلوس خلف الأسلاك الشائكة وإعطاء التعليمات والأوامر.
الحوار الجاد هو الذى سيخرج مصر من أزمتها ولابد من المرونة والنية الصادقة للتوصل إلى حلول، وبمجرد خروج الرئيس فى خطاب الخميس مبدياً استعداده للحوار ظهرت المبادرات والحلول الكثيرة التى بعضها عقلانى ولا يمس هيبة الدولة والرئيس نفسه.