محمد الدسوقى رشدى

فى انتظار لقاء الله

الأربعاء، 01 فبراير 2012 07:58 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
البعض منكم سيعتبر الأمر غريبا حينما يبدأ فى قراءة السطور القادمة، ويكتشف أنها تدور حول يوم القيامة وعلاماته ومقدماته، سيندهش ويسأل عن الهدف، وسينظر للتوقيت وسيراجع ذاكرته إن كان قد مرت عليها فى الأيام الأخيرة أحداث تتعلق بهذا الشأن، وحينما تخبره الذاكرة أنه لا شىء خطيرا أو كبيرا قد حدث مؤخرا وله علاقة بيوم القيامة، سيسأل نفسه فيما الحديث عن يوم القيامة فى هذا التوقيت إذن؟!

الذين يرون الأضواء المبهرة فى السماء يرجعون ظهورها لعلامات يوم القيامة قبل أن يفتشوا فى كراسات العلم، والذين تصادفهم أى تشوهات جينية أو عيوب خلقية يحدثونك عن اقتراب الساعة قبل أن يسألوا أهل الذكر عن دور التغيرات البيئية فى ذلك، والمشايخ يبادرون بالتأكيد على أن الساعة قد اقتربت، وأن القمر سينشق، وأن غضب الله قد حلّ حينما تخبرهم بأن هناك زلزالا فى الدولة الفلانية، أو بركانا فى المنطقة العلانية، دون أن يفكر أحدهم بالاستعانة بأهل الجيولوجيا وعلم طبقات الأرض، حتى نحن كلما نقرأ عن متهور قتل والديه، أو أم قاسية عذبت طفلها حتى الموت، أو شاب بائس انتحر شنقا، أو من فوق كوبرى قصر النيل، نسارع بتحميل المسؤولية ليوم القيامة، قائلين إنه قد اقترب، وإن هذه هى علاماته.. من تلك الزاوية يمكنك أن ترى الأمر على أنه محاولة أخرى من بشر أعيتهم الأعباء والمشاكل لتحميل همومهم وأخطائهم على كتف شخصية اعتبارية لا تسألهم ولا تحاسبهم حينما يضعون فى أعناقها تلك الكوارث، ومن زاوية أخرى يمكننا أن نرى معا وجهة نظر مختلفة تقول بأن هؤلاء الذين طحنتهم الظروف، وأعيتهم قلة العلم والوعى والمعرفة يتخلصون من يأسهم وبأسهم بالانتظار.. انتظار النهاية، بدليل أنهم يحفظون علاماتها، ومشغولون بتتبع مقدماتها أكثر من أى شىء آخر، فحينما تعرف أن البحث عن يوم القيامة وعلاماته الصغرى والكبرى على جوجل، أكبر محرك بحثى علمى، قد تجاوز عشرات الملايين، وحينما تجد أن ملايين الصفحات والمواقع، سواء كانت إسلامية أو غير إسلامية، تضع على رأس أولوياتها البحث فى شؤون علامات يوم القيامة، وتتبع أطراف تلك العلامات فى بقاع العالم المختلفة، لابد أن تتوقف لتسأل نفسك: ما سر هذا الاشتياق إلى النهاية؟.

ما أحتاج لأن تركز معه كثيرا هو أن تدرك أن يوم القيامة ربما يكون أقرب إلينا مما نتخيل.. فمن علامات يوم القيامة الصغرى استفاضة المال، والاستغناء عن الصدقة، وهو أمر يحدث فى مصر الآن ببجاحة منقطعة النظير، ففى الوقت الذى يتفنن فيه رجال الأعمال فى بناء القصور وإقامة حفلات تتكلف الملايين، يعيش الملايين من فقراء مصر فى فقر وجوع، ومن العلامات الصغرى أيضا ضياع الأمانة، وأبرز مظاهر تضييع الأمانة التى ذكرتها كتب الحديث هو إسناد أمور الناس إلى غير أهلها القادرين على تسييرها، وهو أمر أصبح حدوثه فى مصر طبيعيا، والدليل عشرات الوزراء وآلاف المسؤولين الكبار الذين لا يفعلون شيئا سوى الإفساد ونشر المزيد من العشوائية بقرارات غير مدروسة. كثرة شهادة الزور، وكتمان شهادة الحق، وكثرة القتل.. من بين العلامات الصغرى، ونحن فى مصر الآن نتابع يوميا الغريب من حوادث القتل، ومنذ أيام تطور أمر القتل إلى عملية تمثيل بالجثث، كما حدث فى إحدى قرى الشرقية.

هل أدركت الآن أن الحديث عن يوم القيامة وعلاماتها ليس أمرا مرتبطا برؤية نور أبيض غريب فى السماء، أو حيوان بثلاث أرجل، أو طفل وجهه على هيئة قطة؟، هل أدركت أن هذه العلامات الصغرى اختبارات إلهية لحساب مدى قدرتنا على المواجهة والإصلاح أكثر من كونها مجرد إشارات لليوم الموعود؟، هل أدركت الآن أن علامات يوم القيامة هى مؤشرات لفشلنا وبؤسنا ويأسنا أكثر منها مؤشرات على ساعة لا يعلم متى تحين إلا ربى وربك ورب العالمين؟!








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة