أكرم القصاص

مبارك وفرصة أخرى ضائعة

الجمعة، 10 فبراير 2012 07:27 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بعد عام كامل من تنحيه مازال حسنى مبارك يشغل مساحة الجدل فى السياسة المصرى، فقد رحل وماتزال الدعوات للعصيان المدنى مستمرة، والجدل حول خلفائه فى السلطة من المجلس العسكرى، ومدى نجاحهم فى تخطى تراكمات أخطاء نظامه. عام وماتزال صورة مصر تراوح مكانها والمصريون يحلمون بأن تختفى الآثار السلبية لنظام مبارك، وتحل مكانها مصر أخرى أكثر عدالة وإنسانية.

المحاكمة تختصر سنوات الحكم الطويلة لمبارك وأخطائه فى قتل المتظاهرين وبعض الفساد، بينما الأمر أعمق، وتأثيرات مبارك متواصلة، المحاكمة الجنائية تختصر الاتهامات فى قتل المتظاهرين وتتجاهل جرائم أخرى سياسية أخطر وأكثر تأثيرا، كان مبارك هو المسؤول سياسيا عن كل خطأ فى الخصخصة وكل فساد أو تدهور.

مبارك نفسه كان رئيسا لثلاثين عاما، وصاحب القرار الأول، لكنه فى المحاكمة اختار مشهد المتمارض المهزوم، الذى ينام على ظهره فى محاكمة مستمرة منذ شهور، ويتابع المحاكمة من خلف نظارة سوداء، مشهد لا يليق برجل يقول إنه كان قائدا عسكريا شارك فى حروب وتحمل المسؤولية السياسية، ولا يجوز أن يبقى فى هذه الحالة.

كان يمكن أن يحتفظ بتماسكه، ويقف أمام المحكمة ليعلن تحمله النتائج التى جرت، أو حتى يدافع عن نفسه وقراراته، أو يشرح دواعيها، ولو اعترف بالأخطاء لاكتسب احترام الجمهور أكثر مما يحدث الآن، حيث يفقد احترام مؤيديه قبل خصومه، فقد اختار مشهد المتمارض الذى يبحث عن تعاطف، بينما هو يقدم نموذجا لرجل هش يتخابث بلا هدف غير الهروب، وهو سلوك لا يليق برجل كان يحكم دولة كبرى.

وتأتى صورة مبارك متمارضا على النقيض من صورة صدام حسين أمام المحكمة العراقية، بعد غزو بغداد، فقد ظهر صدام حسين قويا متماسكا، يتحدث بصوت واثق، يهاجم الاحتلال الأمريكى، وكشف عن صورية المحاكمة وهزليتها، وبالرغم من علمه أنه سيواجه الإعدام فقد ظل على رباطة جأشه، لقد كان صدام حسين ديكتاتورا، لكنه اكتسب الكثير من التعاطف أثناء محاكمته لأنه ظهر متماسكا يواجه خصومه، وحتى أثناء إعدامه وبالرغم من حرص خصومه على تصويره، فقد بقيت صورته وهو يهتف للعراق ويهاجم الاحتلال، بينما اختفى الكثير من الأخطاء والجرائم التى ارتكبها.

على العكس من مبارك، الذى صمت بينما كان عليه أن يتحدث، وهو يعلم أنه يستحق المحاكمة والإدانة، لكنه لم يبذل جهدا ليبرر أعماله أو يدافع عنها واكتفى بترك محاميه يمارسون ألعابا تصلح فى قضية مخدرات، ولا تناسب محاكمة رئيس سابق خلعه شعبه بثورة كبرى.

لقد أضاع مبارك الكثير من الفرص أثناء حكمه، لم يواجه تحديات واجهها السادات أو عبدالناصر، حتى فى المحاكمة، يختار إضاعة الفرصة.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة