واضحة لكل من يرى معركة الإرادات التى يخوضها القضاء المصرى ضد الإدارة الأمريكية بشأن قضية منظمات المجتمع المدنى غير المرخصة والمتهمة بتلقى تمويل أجنبى بالمخالفة للقانون، فقد كبر على الأمريكان أن يكون فى مصر إدارة تقول لا لمجموعة من مصممى برامج صناعة وهدم الأنظمة فى العالم الثالث، بعد أن وصل الأمر إلى حد تفجير المجتمع نفسه ودفعه إلى شفا الحرب الأهلية، بحيث لا تجرؤ أى سلطة مقبلة على السير بعيدا عن التراك الأمريكى.
وواضح أيضا التصاعد المطرد لمؤشر احتشاد دولى ضد مصر فى إطار المعركة نفسها، ومن المنتظر أن يشهد ارتفاعا محموما خلال الأيام القليلة المقبلة، تحت عديد من المبررات والذرائع، وفى مقدمتها دعم الدعوة للعصيان المدنى فى 11 فبراير، وفى هذا السياق يمكن أن نقرأ مجموعة من الأخبار الملفتة، وأولها بيان منظمة العفو الدولية الأربعاء التى أعلنت فيه استجابة الآلاف من أنصارها فى 16 دولة لدعوة العصيان المدنى عندنا، ومنها وياللعجب، تقديم الكتل البرلمانية للائتلاف الحاكم بألمانيا طلباً يدين الدعوى القضائية الموجهة لإحالة عاملين ألمانيين بمنظمة «كونراد أديناور» لمحكمة الجنايات.
ومنها أيضا بيان الأعضاء الثلاثة بمجلس الشيوخ الأمريكى، الجمهوريان جون ماكين وكيلى إيوت، والمستقل جوزيف ليبرمان، والذى اعتبر إحالة الأمريكيين الـ19 للمحاكمة تمزقا كارثيا وانهيارا فى علاقة البلدين، فى الوقت الذى اعتبره السيناتور جون كيرى رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ، «صفعة للأمريكيين الذين يدعمون مصر منذ سنوات، فى مؤشر واضح لإيقاف أو تعطيل هذا الدعم».
فى المقابل علينا أن نأخذ على محمل الجد عودة مدرعات الجيش للشوارع مرة أخرى قبل أيام، وتأكيد المصادر العسكرية على حرص الجيش على حماية المنشآت العامة ومصالح المواطنين يوم العصيان، وكأن لدى المجلس العسكرى معلومات تشير إلى أمر يجرى الترتيب له لتعميق جراح المجتمع وتأليب فئاته وفصائله على بعضها البعض، وإلا فلماذا يصدر الآن قرار العودة للشوارع الذى لم يتم اتخاذه حتى فى ذكرى ثورة 25 يناير.
وعلينا أن نزن النبرة الخشنة والقاطعة لرئيس الوزراء من أن الحكومة ترفض أى تدخل فى عمل القضاء فيما يخص قضية منظمات التمويل.
المعركة واضحة والتجييش الأمريكى ضدنا واضح، والسؤال الآن: هل تحسم طاولة المفاوضات المعركة لتنتهى بحلول وسط وتراجعات وصفقات متبادلة؟ أم تصل بنا إلى مضايق وممرات تدفع بنا دفعا إلى معسكر الصمود والتصدى.. وهو ما لا يتحمله ولا يريده الطرفان نحن والإدارة الأمريكية.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة