محمد الدسوقى رشدى

هل تخلصنا من مبارك فعلا؟!

السبت، 11 فبراير 2012 07:58 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هذه السطور ولدت فى 12 فبراير 2011 صباح اليوم التالى لليل التنحى، عدت إليها فوجدتها ممتلئة بالفرح والأحلام، ولكنها الآن تعانى حالة من الذبول مثلها مثل الزهور العطشى، ماذا أصابها وأين ذهبت فرحتها وكيف تم تشويه الأحلام بداخلها؟، أعد القراءة معى وربما نفهم..؟!

كان صباح الثانى عشر من فبراير مختلفاً عن كل صباح.. نور شمسه غير، ونسمات الهواء التى تتطاير فى الجو غير، والابتسامات التى تعلو الوجوه غير، وزحمة المرور الصباحية خانقة ولكنها لا تدفعك للغضب، والناس فى الشوارع لا تتفادى النظر فى ملامح بعضها، بل كل واحد فينا كان يبحث عن ابتسامة على وجه الآخر لكى يقول له مبروك.. ألف مبروك..

كان صباحا مختلفا.. الكل كتب هكذا على صفحات موقع «الفيس بوك» شريك ثورتنا وراعيها الرسمى، والأغلبية تبادلوا رسائل تحمل هذا المعنى، وأنا ضبط نفسى متلبسا بتوجيه النصح لأحدهم وهو يلقى بعلبة عصير فى عرض الشارع بعد أن كنت أخشى هذا الفعل تحسبا لأى مصادمات أو لأى رد فعل ينتمى لفئة «وانت مال أهلك يا كابتن»..

كان صباحا مختلفا وكأن هناك شبه اتفاق بين جموع المصريين على أننا ولدنا من جديد، وعلى أن مصر التى مشينا فى شوارعها صباح الثانى عشر من فبراير مصر جديدة ومختلفة تتطلع للمستقبل ولا تخاف منه، وتحلم بماهو قادم دون كوابيس، وتعد أبناءها دون أن تخشى الوفاء بوعودها.

حدث التحول مساء الحادى عشر من فبراير، أعلن مبارك تنحيه ليعلن بذلك انتصار الشعب وهزيمة النظام الذى طغى وتجبر لمدة 30 سنة..

تحولت البشرى إلى نصر واحتفلنا فى ميدان التحرير وامتلأت الشوارع المصرية بالفرحة..

فرحة الانتصار، وفى صباح اليوم التالى وضعنا شعار الثورة جانبا ورفعا شعارا آخر يقول: «نحن نبنى مصر»، فى صباح الثانى عشر من فبراير ظهرت أولى بشاير مصر التى نريدها ونحلم بها، ظهرت فى شكل استخدام مصطلح الرئيس السابق أو المخلوع لأول مرة، وفى هؤلاء الشباب المسؤول الذى مسح وكنس أرض التحرير ونظفها أفضل مما كانت تفعل شركات النظافة الأجنبية التى تعاقدت معها الحكومات الفاسدة من قبل.

مصر التى نريدها والرئيس الذى نتمناه.. هذا ما كنا نبحث عنه فى الأيام الثمانية عشر التى مرت علينا منذ 25 يناير، كنا نبحث عن مصر نملكها نحن أبناء الشعب وليس رجال السلطة والمال، عن مصر لا تعرف الواسطة ولا الرشوة ولا ينتحر شبابها خشية الفقر والضياع، أو لأن أحدهم استبعدوه من الوظيفة لأن والده بواب، عن مصر لا تعرف آلاف الأسر النائمة بدون عشاء، وآلاف الشباب بلا عمل، وآلاف البنات بلا زواج.

كنا نبحث عن مصر لا تعرف أقسام الشرطة فيها طعم التعذيب أو إهانة الكرامة، عن مصر لا يفتح فيها الموظفون الأدراج إلا للاحتفاظ بالمستندات الرسمية، ولا يعرف فيها جيب أمين الشرطة أو يده طعم العشرين جنيها المكرمشة، ولا يعرف فيها الطلبة والتلاميذ معنى التعليم الفاسد، ولا يسقط فيها الأطفال والشباب ضحية إعلام مضلل ومرتبك.

نحن نريد مصر مدنية تملك دفتر الديمقراطية كاملا وليس مجرد هامش كما كان يسمح لها النظام السابق، ونريد مسؤولين يعرفون أن منصة القضاء ستكون فى انتظار كل فاسد فيهم، ونريد انتخابات نزيهة وصناديق شفافة بجد مش مجرد زجاج.

نحن نريد مصر بها أحزاب قوية وليس مجرد أكشاك تبيع الوهم، ويعمل رؤساؤها عند أجهزة الأمن، نحن نريد مصر لا تصنفها منظمة الشفافية الدولية فى المركز الـ115 من بين 180 دولة فقط.

نريد مصر بدون ابن رئيس يمكن أن تزوره فكرة التوريث فى الحلم، نريد مصر لا يقول أحد فيها للآخر «انت متعرفش أنا ابن مين»،..نريدها أرضا لحرية الرأى والتعبير تحتضن أبناءها ولا تأكلهم، تتزين ميادينها بالزهور لا بصور الرئيس، يولد الطفل فيها وهو يعرف شكل مستقبله ويطمئن لما هو قادم عليه من سنوات.

هل أدركت الآن لماذا «ذبلت» الفرحة والأحلام التى كانت تحملها هذه الكلمات منذ عام..راجع الكلام مرة أخرى وستجد أن رصاصات القناصة وخرطوش الداخلية ومدرعات المجلس العسكرى قتلت ودهست وأصابت هذه الفرحة وتلك الأحلام فى مقتل!!








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة