لا أحد من أهل الأحزاب والتيارات والائتلافات التى دعت إلى العصيان المدنى يجلس الآن ليدرس سر عدم تجاوب الشارع المصرى مع الدعوة للإضراب الشامل.. وتلك هى المشكلة، أو أصل المشكلة إن شئنا الدقة.
الكثير من القوى السياسية لا تضع الشارع فى اعتبارها، وإن وضعته فهى لا تدرس جيدا وضع الناس ومتطلباتهم ومشاكلهم وكل التفاصيل التى قد تؤثر على مدى تجاوب المواطنين مع الدعوات السياسية المختلفة.. بعض القوى السياسية أصلا لا تسأل إن كان لديها رصيد من الثقة لدى المواطنين يسمح لها بأن تطلب وتحرض أم لا؟!
هذه الأزمة.. أزمة العلاقة بين القوى السياسية الليبرالية واليسارية، وتستطيع أن تقول «الثورية» من ناحية والشارع المصرى من ناحية أخرى تجلت بوضوح فى الدعوة للعصيان المدنى التى جاءت متسرعة وبلا هدف واضح وتم تغليفها كالعادة بالسخرية من مخاوف المواطنين التى تتحدث عن الاستقرار والوضع المالى.
لم يهتم تيار سياسى واحد من المشاركين فى الدعوة للعصيان المدنى بالخروج إلى الناس بصيغ تطمينية حول عدم وجود آثار جانبية للعصيان المدنى على رغيف العيش وأنابيب البوتاجاز ووجبة العشاء وراتب آخر الشهر، بل على العكس تماما ظهر بعض النشطاء ومارسوا لعبة الاستهزاء بمخاوف الناس كما فعلت نوارة نجم وغيرها حينما كان ردهم على هذه المخاوف التى طرحها الناس هو العيش والأنابيب كانوا موجودين أصلا.. هو الشعب المصرى بيشتغل أصلا؟!
حتى عندما حاولت بعض الحركات السياسية التى كانت تدعو للإضراب العام تبرير فشل الإضراب خرجت تصريحات خائبة من «الاشتراكيون الثوريون» لجأوا خلالها كالعادة لتعليق الفشل على «شماعة الإسلاميين» وقالوا إن الإسلاميين وشيوخهم وإعلامهم سبب فشل الإضراب بعد تحريضهم للناس على عدم المشاركة فيه، وإذا كان التبرير السابق يندرج تحت بند المحاولات الفاشلة لتفسير عدم تجاوب الناس مع دعوة العصيان المدنى، فإن التركيز معه لثوان يكشف لك عن اعتراف غير مسبوق من جانب هذه التيارات بالضعف والفشل أمام التيار الإسلامى الذى استطاع أن يهزم دعوة العصيان المدنى التى شارك فى طرحها أكثر من 40 تيارا وحركة سياسية.
السابق من الكلام لا يهتم بنجاح الدعوة للعصيان المدنى أو فشلها، ولكنه يدعو إلى الاهتمام بمشاعر الناس ومخاوفهم، يدعو القوى السياسية لأن تحترم المواطن المصرى وقلقه حتى وإن كان فى غير محله، يدعو الإخوة النشطاء إلى ألا يجعلوا من المواطن المصرى مادتهم للسخرية والاستهزاء لأنهم شركاء فى كل سلبية وكل نقيصة على أرض هذا الوطن، ويدعو الأحزاب والتيارات السياسية أن تنزل إلى الشارع وتفهمه وتكف عن التعامل مع السائرين فيه وكأنهم أتباع لابد أن يذهبوا يمينا حينما يشير أهل النخبة إلى ذلك ويسارا حينما يشير النشطاء بذلك.
رد الشيخ خالد عبدالله:
هنا وفى نفس الصفحة نشرنا أمس ردا على ما كتبته فى مقال أمس الأول دار حول تصريحات الشيخ عبدالمنعم الشحات والشيخ المذيع خالد عبدالله بخصوص ضحايا مجزرة بورسعيد، وأجمل ما فى الرد هو أدب سطوره وكلماته، أم االرد نفسه فكان على شيئا آخر لم أكتبه، بحيث خاض الأستاذ وجدان كثيرا فى تحليل شخصيتى ونوايا نفسى التى يراها سيئة وبراعتى فى تصيد الأخطاء والتربص بالإسلاميين، وعاتبنى على عدم ذكر بكاء الشيخ خالد على الضحايا أو باقى تفاصيل خطبة الشيخ الشحات، ولكن يبدو أن حماسة الدفاع عن الشيوخ سيطرت على وجدان الأستاذ وجدان، ولم يركز كثيرا مع ما كتبته وأكدت فيه أننى لا أناقش قضايا فقهية ولا أجادل الشيخين فى مسألة إن كان الضحايا شهداء أم لا؟! وكل ما سطرته فى المقال كان يتحدث عن حسن اختيار التوقيت وضرورة أن يضع الشيخان فى الحسبان وضع أهالى الضحايا ومشاعرهم قبل أن يتحدث أحدهم عن أن الكرة لهو حرام، ويتحدث الآخر عن مصير الشباب حينما يسألهم الله ما الذى فعلوه وقت مماتهم، المشكلة أيضا أن الأستاذ وجدان حاسبنى بلطف يتضمن بين طياته اتهاما بالكذب والنقل عن غير علم وعدم ذكر باقى تفاصيل كلام الشيخين ولم ينف أبدا أنهما قالا ما ذكرته فى سطور مقالى.
عموما آسف إن كنت قد غفلت عن إخباركم بأن الشيخ خالد عبدالله قد بكى بعدما قال عن ضحايا بورسعيد: «لما يسألكم ربنا هتقولوله إيه.. كنا فى ماتش؟!»
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة