يسرى الفخرانى

الله

الإثنين، 13 فبراير 2012 03:53 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
صديقى، علمتنى السنين التى عشتها أن العتمة الشديدة هى بداية كل نهار جديد. لم تخذلنى هذه الحكمة مهما كانت الأزمة أو كان الحدث. دائمًا تختلط الأمور حتى أظن أنه لا مفر من نهاية مفزعة.. لكن يخلف الله سبحانه وتعالى ظنى - والحمد لله - فيأتى الحل من حيث لا أتوقع أو يتوقع أحد!
فى القرآن الكريم قال تعالى: «فإن مع العسر يسرا». صدق الله العظيم. وقال تعالى: «وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم».

لا تنس أن الليل حين يشتد ظلامه يبشرك بأن الفجر اقترب. ولا تنس أن العين حين تبكى تغسل النفس من كل آلامها وعذابها. لا تنس أن الأرض التى لا حياة فيها هى التى ينبت فيها أجمل الزهور وأقوى الأشجار.

لا تنس أنه فى اللحظة التى تتصور نفسك فيها وحيدًا.. يد الله ترعاك. وفى الوقت الذى تتألم فيه من مرض هناك ملايين سبقوك إلى الشفاء.

صديقى، أنا أشعر بحزنك وأشاركك. وكم أتمنى أن تشاركنى نفس حزنى. فنصبح كجبال تتساند إلى بعضها البعض فى أزماتها وفى وجه الرياح والعواصف. هذه بلدى وبلدك تشبه سفينة تعطلت وتمزقت أشرعتها فى بحر غريق عميق موحش. البعض مذعور ويلقى بنفسه فى الأعماق قبل أن تغرق السفينة. والبعض يشعل النيران لعل أحدًا يشاهد الغرقى قبل لحظاتهم الأخيرة. البعض يترنح من دوار البحر، والبعض يرقص رقصة المذبوح، والبعض يصرخ فى هيستيريا تنبئ عن فزع طفولى، والبعض يبحث عن طوق نجاة يرتديه سرّا والبعض صامت فى دهشة، والبعض صادق فى صلاة، والبعض غارق فى ضحك كالبكاء، والبعض يحاول أن ينقذ السفينة بأى طريقة!
لكن لا تنس الله أبدًا وأنت تناقش أدق وأصعب ظروف حياتك. لا تتوقع حالك فى معزل عن الخالق بكل جلاله. لا تندهش من رحمة الله حين تفاجئك فى عز هشاشتك فتحييك.

كانت سنة صعبة ومازالت أصعب، وتزداد، لكن لا تترك إيمانك من فضلك على عتبة الحيرة.

تمسك بإيمانك. إن الخالق يحبك ويحبنا ويحب كل مخلوقاته وسوف ييسر لنا الخير فى أقرب وقت، عليك وعلينا أن نتحرر من عذابنا ونتوكل على الله. أن نعمل لكى نبدل الأشياء السيئة التى نحملها بما هو أجمل. وأن نعمل لكى نصبح شعبًا له قيمة فى زمن تقاس الشعوب بعملها وعلمها.

بسم الله الرحمن الرحيم، نبدأ صباح خير من حيث تعثرنا، نمحو حزنًا عميقًا لكى نلحق بما فاتنا من عمر. فالعمر واحد يا صديقى لا يعاد. فإما أن نكون أبطال قصتنا أو لا يكون لنا مكان. إما أن نغير ونتغير أو كما جئنا نمضى. إما أن نكون أحلامنا وإما أن نصبح نسخة مهملة فى صندوق مهملات.

أنت شىء كبير، فاستمع إلى قلبك حين يحدثك عن قدرتك على أن تنجح وتعيش حياة غير الحياة. استمع إلى قلبك وهو يرسم لك أحلامًا جميلة تسير معها إلى مستقبل، أنت خلقت لكى تكون مميزًا، لا تابعًا ولا مجرورًا، أن تكون رسول حب وجمال وأمل وعلم وحياة.. فكيف تنسحب؟
يا صديقى، لا تقل لا أستطيع، تستطيع، خلقك الرحمن كاملاً، معك كل ما مع من غيروا حياتهم وحياتنا، فلماذا أنت هنا، تقف حائرًا، لا تعرف كيف تزيل الحزن من كفيك وكتفيك. كن فارسًا يا صديقى ولا تقل انتهى زمن الفرسان. كن عاقلاً حكيمًا حرّا. كن أنت كما ينبغى لك أن تكون.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة