أعود مرة أخرى إلى قضية تهجير 8 أسر قبطية من قرية النهضة بمنطقة العامرية بالإسكندرية، والتى جاءت بعد جلسة عرفية على أثر تداول صورة لشاب مسيحى مع سيدة مسلمة.
جرت فى هذه القضية وقائع جديدة، تتمثل فى اجتماع لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشعب، والتى قررت رفضها لهذا الحكم، الذى لا يستند على أسس قانونية، وقررت وقف بيع ممتلكات هذه الأسر، وتعقد العائلات المسلمة والمسيحية فى المنطقة اجتماعا غدا الخميس لمناقشة القضية.
ما يلفت الانتباه أن الجلسة العرفية التى قضت بحكم التهجير، تمت بحضور النائب السلفى أحمد شريف الهوارى، وهذا أمر يحسب عليه، حيث سيتم تأويل الحكم لصالح طرف ضد طرف آخر، وإذا كان المطلوب من نواب البرلمان أن يتواجدوا فى دوائرهم فى مثل هذه المواقف، فإن هذا التواجد يفقد قيمته حينما ينتهى إلى تصرف على هذا النحو، أضف إلى ذلك أن العيون مفتوحة ويقظة إلى حد كبير، فيما يتعلق بمعرفة موقف النواب السلفيين نحو الأقباط فى مصر.
كان من الأصوب للنائب أحمد شريف الهوارى، ومع التقدير لحسن نيته، أن يدفع بإحالة القضية كلها إلى النيابة، حتى يؤكد على هيبة القانون الذى يؤدى بالتبعية إلى استعادة هيبة الدولة، ونحن فى هذه الظروف أحوج لذلك.
كان النائب سيحقق فوائد كبيرة، لو تمسك بتطبيق القانون، أهمها أنه سيؤكد على أنه يتعامل للصالح العام، وليس لصالح فئة بعينها، ويبعث برسالة تطمين إلى الأقباط، بأن النواب السلفيين هم نواب لكل الشعب المصرى بجميع فئاته، وليسوا نوابا للمسلمين فقط.
لا يصح أن يختصر البعض هذه القضية فى نطاق ضيق، يتمثل فى أنها واحدة من الجلسات العرفية التى تحدث كل يوم، بغرض نزع فتيل الأزمات، وأنها تساعد أجهزة الدولة فى تهدئة الأوضاع قبل أن تتحول لانفجارات اجتماعية، ولا يصح اختصارها فى مجرد الانتقال من مكان للعيش فى مكان آخر، وأن ذلك من الطقوس الحياتية التى تحدث كل يوم فى ربوع مصر، فالقضية تؤجج الطائفية، وتضعنا أمام مخاطر لا تنتهى.
أفهم أن الخلفية وراء القضية، تمثل فى مجتمع القرية وجعا هائلا، لأنها تتعلق بالشرف، لكن التهجير وجع أعمق، وهجر القانون كارثة، ومن يجد نفسه فى مكان مغضوب عليه اجتماعيا، سيبحث عن مكان آخر، ولكن بحريته واختياره.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة