المبادرة التى أطلقها الشيخ محمد حسان تحت اسم «المعونة المصرية»، للاستغناء عن المعونة الأمريكية، وأعلن شيخ الأزهر رعايتها، هى أبلغ رد شعبى على المحاولات الأمريكية المستمرة، والمتزايدة منذ ثورة يناير للضغط على الإدارة الجديدة فى مصر لتوسيع مساحة الدور والنفوذ الأمريكى بعد الثورة.
أمريكا تسعى لتحجيم الثورة ومحاصرتها وتطويعها وفقا لمصالحها، ومصالح حليفتها إسرائيل والمعونة هى ورقة الضغط الآن.
الشيخ حسان تعهد بجمع مبلغ المعونة فى ليلة واحدة، وأقسم بالله وعلى مسؤوليته أمام الله أن الشعب المصرى «سيجمع مئات الأضعاف مما كانت تقدمه لنا أمريكا من معونات تافهة». والتفاعل مع المبادرة بدأ من فئات عديدة فى المجتمع، ليثبت أن الشعب المصرى الذى قاوم طوال تاريخه كل أشكال الحصار ومحاولات التجويع، قادر على رفض محاولات التبعية واستمرار العبودية بعد ثورته الشعبية الجبارة.
المعونة الأمريكية لمصر، هى مبلغ ثابت سنويا تتلقاه مصر من الولايات المتحدة الأمريكية فى أعقاب توقيع اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية عام 1979، حيث أعلن الرئيس الأمريكى فى ذلك الوقت جيمى كارتر، تقديم معونة اقتصادية وأخرى عسكرية سنوية لكل من مصر وإسرائيل، تحولت منذ عام 1982 إلى منح لا ترد بواقع 3 مليارات دولار لإسرائيل، و2.1 مليار دولار لمصر، منها 815 مليون دولار معونة اقتصادية، و1.3 مليار دولار معونة عسكرية.
ورغم كل التوترات الحالية فى العلاقات، فلن تستطيع الولايات المتحدة قطع المعونة العسكرية، لأنها تساعد فى تعزيز الأهداف الاستراتيجية الأمريكية فى المنطقة، واستفادت من خلالها واشنطن الكثير، مثل السماح لطائراتها العسكرية بالتحليق فى الأجواء العسكرية المصرية، ومنحها تصريحات على وجه السرعة لمئات البوارج الحربية الأمريكية لعبور قناة السويس، وقيام مصر بتدريب الشرطة العراقية، إضافة إلى التزام مصر بشراء المعدات العسكرية من الولايات المتحدة، فأمريكا قدمت لمصر حوالى 7،3 مليار دولار بين عامى 99 و2005 فى إطار برنامج مساعدات التمويل العسكرى الأجنبى، وأنفقت مصر خلال نفس الفترة حوالى نصف المبلغ، أى 3.8 مليار دولار لشراء معدات عسكرية ثقيلة أمريكية..!
مصر تستطيع الاستغناء عن المعونة إذا توافرت الإرادة الوطنية والقرار السيادى الذى لايهتز أمام أية ضغوط، والواثق من إرادة الشعب، والولايات المتحدة ستفكر ألف مرة قبل أن تعتزم اتخاذ قرار بوقف المعونة، لأنها ببساطة الخاسر الأول والأخير.