إنها مرحلة الضجيج التى لا طحن لها.. الوضع صعب وكلنا مرتبكون، نسير فى طريق واحد هو المزايدة، الأخلاق ضربوها فى الخلاط وتاهت معالم خيوطها وأصبح المنافق بطلا، وتحول الذين كانوا يجلسون تحت أقدام كرسى النظام السابق لأبطال ثورة ومناضلين، الوضع صعب يا سيدى ومعايير الخلطة اختلفت، وبعد أن كانت فى الماضى تتكون من صوت خافت وخاضع، يقول نعم على طول الخط ويلعب على الأحبال طول الوقت، أصبحت تتكون من أصوات تصرخ على الفاضية والمليانة والتافهة قبل النافعة، ولكنها ظلت برضه تمارس هوايتها فى اللعب على الأحبال.. الوضع صعب يا سيدى وليس هناك أفضل من كلام الرائع بيرم التونسى الذى قال:
م المستحيل انت تخدع أى طفـل صغيـر..
وتلف عقلـه وتعطيـه القليـل بكتيـر
لكن بأهـون طريقـه تخـدع الجماهيـر..
لو كنت أغبى غبى تجرى وراك وتسيـر
خليل يصقَّف، يصقف شعب ويـا خليـل..
من غير ما يسأل عن الأسباب والتفاصيل
وحمار يغنى، وجايب من يقول له: آه..
حـالاً تقـول الخلايـق كلهـا ويّــاه
الحق يخفى وفى وسط الزحـام ينـداس..
وناس فى فهم الحقيقه، تتكل على ناس
ويساعدك الحظ ياللى تحسـن التجعيـر
هل قرأت الكلام السابق؟! عد مرة أخرى وكرر المحاولة، الوضع فى مصر الآن ستجده بين تلك السطور، انظر إلى النواب وما يفعلونه تحت القبة وإصرارهم على مخاطبة الكاميرا لا العقل، وانظر إلى المثقفين وكبار الكتاب وقد امتنعوا عن نقد أخطاء الحركات الثورية وشبابها خوفا من تويتر وفيس بوك، وإلى هؤلاء الذين تبدلوا وتحولوا وأصبحوا لحسنى مبارك وأهله من الكارهين بعد أن كانوا بحكمته يتغنون، وستعرف أن حال مصر كله موجود فى سطور بيرم التونسى السابقة.
عد إلى كلام بيرم التونسى وركز معه كثيرا، وحينما تفهمه ستطير تلك العصافير التى كانت قابعة فوق قفاك منذ سنين، ستعرف أن الارتباك والكذب والتلون والنفاق الذى نغرق فيه الآن يستدعى منك أن تجعل صوتك من عقلك لا من برامج التوك شو، أو كلمات الفيس بوك وتويتر أو من صفحات الجرائد التى أصبحت صفراء، ولا من على ألسنة بعض الشيوخ الذى تذكروا بعد سنوات من الموالسة والسكوت على الحق أن هناك كلمة حق لابد أن تقال فى وجه سلطان جائر.. ولكنهم يقولونها الآن بعلو الصوت بعد أن اختفى عنهم وجه السلطان الجائر.
اقرأ كلام بيرم التونسى لتسأل نفسك لماذا يصرخ كل هؤلاء المنافقين ويجعجعون بشجاعة بينما كنا فى أشد الحاجة لهمسهم قبل 25 يناير، اقرأ لتعرف أن الصراخ على على أى سلطة سواء كانت سابقة أو حالية لم يعد بطولة لأن زمن البطولات انتهى حينما انكسرت عصا السلطة فى 25 يناير، اقرأ لتعرف أن الحقيقة لا تكمن أبدا بين طيات تلك الأحبال الصوتية التى تؤمن بأن الجعير أهم بكثير من الهدوء والتفكير.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة