لست بصدد مناقشة حق الإضراب أو العصيان المدنى العام الذى شارك فى فاعلياته الكثير من المنظمات والاتحادات والنقابات والجماعات والمدارس والجامعات يوم السبت الماضى، كما أننى لست بصدد تقييم هذه التجربة، ولكننى توقفت بشكل خاص أمام ظاهرة متفردة وهى موقف المؤسسات والمنظمات والحركات الدينية المسيحية والإسلامية على السواء من تلك الدعوة للإضراب أو العصيان المدنى، وعدت بذاكرتى عاماً للوراء وعقدت مقارنة بين موقف هذه الجهات الدينية من ثورة 25 يناير وموقفها من الدعوة للإضراب أو العصيان، والمفارقة الغريبة التى سوف تواجه أى باحث يعمل فى تحليل المضمون أنه سيجد تطابقا فى المضمون بين مواقفها عشية ثورة 25 يناير ومواقفها عشية إضراب 11 فبراير وعلى سبيل المثال:
ناشد الإمام الأكبر فضيلة شيخ الأزهر أحمد الطيب المصريين فى «رسالة» ألا يعطلوا العمل ساعة واحدة وأن يتمسكوا بأداء العمل، ومن جانبه قال قداسة البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية فى عظته الأسبوعية الأربعاء الماضى «العصيان المدنى لايقبله الدين ولاتقبله الدولة».
ذكر بيان جماعة الإخوان المسلمين أن «العصيان المدنى والإضراب العام من شأنه أن يفاقم الأوضاع السيئة اقتصادياً واجتماعياً وخدمياً، بما يؤدى إلى تفكيك الدولة وانهيارها، ورفضت الجماعة الإسلامية الدعوة الموجهة للعصيان المدنى، قائله: «إن العصيان يهدد بكثير من المخاطر، منها تحطيم ما بقى من اقتصاد مصر، وإشعال الفتنة فى البلاد، كما أعرب الشيخ ياسر البرهامى نائب رئيس الدعوة السلفية عن رفض الدعوة للعصيان المدنى، وقال- فى اتصال هاتفى مع قناة الحافظ مساء الثلاثاء 7 فبراير- «مصر لاتحتمل مزيدا من التخريب الاقتصادى، وليس من المعقول أن يفعل أى شخص ما يأتى على هواه».
ولعلنا نذكر أن الأزهر الشريف قد حرم التظاهر عشية ثورة 25 يناير، وكذلك فعل قداسة البابا شنودة الثالث، كما شددت الحركة السلفية فى ذلك الوقت على تحريم الخروج على الحاكم، أما الجماعة الإسلامية فقد أكدت مرارا عدم مشاركتها فى الثورة، الأمر الذى أدى إلى انقسامها فيما بعد، ورفضت جماعة الإخوان المسلمين خروج أعضائها للتظاهر يوم 25 يناير، وكلنا نذكر أيضا كيف لم يمض منتصف فبراير 2011 دون أن تباغتنا كل هذه الجماعات والمؤسسات ببيانات مؤيدة للثورة، ورويداً رويداً اختطف هؤلاء جميعا ثورة 25 يناير، الأزهر أصدر عدة وثائق ثورية والكنيسة صدرت لنا بضعة قساوسة يتحدثون كقادة للثورة، والحركة السلفية وجماعة الإخوان المسلمين قفزوا إلى مجلس الشعب عبر بوابة الثورة. وبدون دواعى الحذر السياسى فإن أى تحليل لمضمون مواقف تلك القوى، سيؤكد أنها تمثل الحلف الطبقى الذى يجسد الثورة المضادة المتسربلة بغطاء الدين، وهى تشكل الأساس الاجتماعى لنظام الرئيس السابق مبارك، كما يؤكد أن الثورة لم تمر على هذا الحلف الذى يتلون وفق كل مرحلة حسب مصالحه، وكأنك يا أبوزيد ماغزيت.. والله على ما أقول شهيد.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة