سواء كنت من أنصار نظرية المؤامرة أو لا فسوف تتساءل عن السبب الذى يجعل الحرائق الطائفية ضمن ترتيب الفوضى.
فقد كانت أحداث صول والماريناب والمنيا وسوهاج تتبادل مكانها مع حرائق ومصادمات، فى البالون والسفارة الإسرائيلية وماسبيرو التى كانت فى الأساس نتاجا لفتنة كنيسة الماريناب.
هذا التبادل والتتابع، يبدو غير مقصود لكن التعصب وغياب القانون هو عنصر الاتفاق فيه، مثل مجزرة بورسعيد، التى كان التعصب هو سببها الأول، يضاف إليها عناصر أخلاقية وشائعات واتهامات، وأمور تتعلق بحرية الاعتقاد، التى يتحول أطرافها إلى ما يشبه «ألتراس» طائفى، لا يهمه شىء غير الدفع باتجاه الصدام والحرائق.
جاءت أحداث العامرية مع آخر خيوط مصادمات توابع مجزرة بورسعيد، وبعد انقشاع مخاوف وتداعيات العصيان المدنى، وبعد أيام قليلة من الهدوء، حتى بدأت أحداث قرية شربات بالعامرية التى تحولت إلى كرة لهب بسرعة، غابت الحقيقة لصالح الشائعات، عن علاقة بين مسيحى ومسلمة، وتدخلت لجنة عرفية اجتمعت للحكم فى القضية وقررت تهجير 8 عائلات من القرية، وهو حكم يخالف أى منطق أو عقل خاصة أن الاتهامات عامة والأدلة، فضلا عن أن عقوبة التهجير الجماعى تكشف عن قسوة واستقواء على المسيحيين، مع الأخذ فى الاعتبار أن من أصدروا الحكم قالوا إن العائلات قبلته وهو ما ثبت خطؤه.
قبل أن تهدأ أحداث العامرية وقعت الاشتباكات بين أهالى ميت بشار بعد اختفاء فتاة قالوا أنها أسلمت وانتقلت للعيش مع أبيها، ثم اختفت واتهم المسلمون المسيحيين بخطفها، وبدأوا فى مهاجمة ممتلكات الأقباط وعثرت أجهزة الأمن على الفتاة التى قالت أنها تريد العودة لأمها المسيحية، وتجمهر مسلمون يطالبون بإعادة الفتاة لأبيها، وحاولوا حرق الكنيسة، لكن وقف عدد من المسلمين كدروع بشرية لحماية الكنيسة حتى حضور الأمن، القصة فى ميت بشار هى الأخرى تقوم على أقاويل وشائعات، وتحركات لا تعطى للعقل فرصة للتفكير، وفى الطريق بذور فتن فى المنيا يمكن أن تتحول إلى حريق.
اللافت فى العامرية والشرقية أن وراء الأحداث سيدة هنا وفتاة هناك، وغيابا للحقيقة، ويمكن للعقل أن يتدخل لإنهاء هذه القضايا، فضلا عن أن القانون يظل بعيدا عن الأمر كله، وهو أمر ليس وليد اليوم بل هو نتاج السنوات والعقود الماضية حيث تراجعت الدولة عن واجباتها الاجتماعية وتركتها للمغامرات، والتعصب والاحتقان الذى يمثل وقودا للحرائق، ضمن فوضى غير مخططة.
وهى حوادث يمكن لو توفر العقل والقانون أن تكون ضمن الحوادث العادية التى تقع، بصرف النظر عن العقيدة، لكن التعصب يضخمها ويحولها إلى مباراة فى الاعتقاد، بينما تغيب الدولة ويغيب القانون الذى يحكم الجميع، ويختصر دور الدولة فى الأمن فى التحجيز بين المتصارعين، والحل فى إعادة القانون ضمن دولة مدنية عادلة وأن يكون دور مجلس الشعب أكبر من مجرد إطفاء الحرائق.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة