فى أحد مشاهد فيلم «غريب فى بيتى» يجلس نور الشريف مع سعاد حسنى جلسة رومانسية حالمة فى حديقة الحيوان، وقتما كانت تنافس أجمل الحدائق العالمية، كان نور الشريف الذى يقوم بدور «شحاتة أبوكف» يختلس اللحظات لتقبيل سعاد، لكن ابنها «أشرف» كان «يطب» عليهما من حين لآخر مفسدًا لحظات اختلاس القبلات، ولأن «شحاتة» كان يريد إبعاد «أشرف» بأية طريقة قال له محفزًا: روح العب مع الأسد يا أشرف. ولأن أشرف طيب ولطيف و«مصهين»؛ ابتسم وراح ينفذ وصية شحاتة، وهو يعرف أن فى الأمر أمرًا.
كثيرًا ما ينتابنى شعور بأن السادة الكبار فى الأحزاب السياسية والمجالس التشريعية واللجان التخصصية والاجتماعات العسكرية يتخيلون أن جيل الشباب كله «أشرف» ومن ثم يحاولون إلهاءه بأى شىء، ليبعدوه عن طبخاتهم واجتماعاتهم وتحالفاتهم وصفقاتهم وتربيطاتهم، هم يريدون أن يجهزوا كل شىء فى الغرف المغلقة، وأتعس شىء بالنسبة لهم الآن أن معظم شباب مصر الآن أدرك أنه المسؤول الأول عن مصر وحاضرها ومستقبلها، نسى كبار السياسيين أنهم فى الوقت الذى كانوا فيه جالسين كقط أليف تحت مائدة مبارك، منتظرين فتات المائدة وبقاياها، قلب الشباب المائدة بما فيها على رأس مبارك، ونسوا أن هذا الجيل انتظرهم كثيرًا ليغيروا أى شىء لكنهم لم يفعلوا، ونسوا كذلك أن «أشرف» الذى كان صبيّا يافعًا فى أول الثمانينيات من القرن الماضى، يختلف تمامًا عن هذا الجيل الذى ملأ الدنيا صخبًا وحراكًا فى 2011، وما من سبيل لعودة الأمر على ما كان عليه.
«أشرف» هو أنتم أيها السادة، يا من تركتم مبارك يختلى بمصر ثلاثين عامًا عجافًا، وذهبتم تلعبون مع الأسد وكانت أقصى أمانيكم أن يعين له نائبًا يرث حكم مصر ليتكرر سيناريو توريث السادات الحكم لمبارك مرة أخرى، أشرف هو الذى خرج علينا بعد انتخابات 2010 المزورة تزويرًا فاضحًا ومفضوحًا ليقول على صفحات الأهرام إن الحزب الوطنى انحرف عن توجيهات السيد الرئيس بشفافية الانتخابات، وأشرف هو الذى قال إن مبارك خالف وعده بالإبقاء على رموز المعارضة فى البرلمان راضيًا بتزوير الانتخابات لصالحه ولصالح الحزب الوطنى لكن بنسبة تكفل له ولأتباعه وجودًا هامشيّا، وأشرف هو الذى صرح بأنه يتمنى أن يجلس مع مبارك ولا يمانع فى أن يصل جمال مبارك إلى الحكم، وهو الذى كنا نحسبه زعيم أكبر جماعة سياسية فى مصر، أما هذا الجيل فسيظل لقمة فى زور المداهنين، وشوكة فى ظهر المستبدين، لا يعرف اليأس ولا المداهنة، وإن كان لا يعجبكم هذا الجيل فأبشروا بالجيل القادم فهو أشد قوة وأكثر وعيًا وأنبل خلقًا.
الثورة مستمرة، والويل لمن يقف فى طريقها.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة