يستحق نجل عصام العريان أن يدخل كلية الشرطة، لا لأنه ابن القيادى البارز فى جماعة الإخوان المسلمين، ولكن لأنه مصرى تجاوز كل الاختبارات التى مر بها الآخرون، وبشرط ألا يعمل فى السياسة ولا يؤثر انتماؤه لتيار معين على عمله، ولكن ليس من حق الجماعة أن تطالب الداخلية بدفعة إخوانية فى كلية الشرطة، وليس من حق الضباط الذين وافقوا على شروط قبولهم فى الماضى أن يخرجوا على القانون الذى ينظم عملهم، والذى لا يجيز إطلاق اللحى للضباط، وهذا ليس موقفا من إطلاق اللحية، فكل شخص حر فى اختياره، ولكن طبيعة المهنة اشترطت هذا، وما دمنا نتحدث عن الدولة المدنية - التى يؤمن الإخوان فى تصريحاتهم بها - فيجب احترام قوانين مؤسسات الدولة، ولأنك تريد من ضابط الشرطة تنفيذ القانون فقط، لا نريده داعية، لأننا نمتلك من الدعاة الفضائيين فقط ما يكفى لتغطية الكرة الأرضية، نريد أن تبتعد أجهزة الدولة السيادية عن صراعات السياسيين، فالإخوان أغلبية الآن، وربما لا تتحقق لهم فى الانتخابات المقبلة، وما نشرته المصرى اليوم أمس الأول عن أن الجماعة اقترحت على وزير الداخلية حصة من تعيينات جهاز الشرطة قوامها ثلاثة آلاف فرد وأمين شرطة، هو كلام مفزع، لأن هؤلاء لن يكون فى خدمة الشعب ولكن فى خدمة الإخوان، تماما كما كان يفعل حبيب العادلى، والمثير للريبة أن الوزير وعد بدراسة الأمر، الجماعة تعتقد أنه آن الأوان لكى تنفذ القانون «قانونها» بنفسها، وفى سبيل ذلك تقف فى صف الوزير على حساب شهداء مجزرة بورسعيد، ووزير الداخلية «الحالى والسابق والأسبق» يحتاج إليهم فى تذويب الجلطات الطائفية التى شارك الطرفان فى إصابة المجتمع المصرى المتسامح المتحضر بها، واستغربت أيضا وعد وزير الداخلية لأعضاء حزب «الحرية والعدالة» باستبعاد القائمة التى قدموها له بأسماء بعض الضباط، لأن ذلك يعنى السيطرة على السلطة التنفيذية، يفترض أن يقدم الإخوان أسماء هؤلاء الضباط إلى النيابة، وتتم محاكمتهم على ما اقترفوه من جرائم تعذيب، وتتم محاكمة هؤلاء الضباط لا عزلهم من مناصبهم، لا أحد ينكر أن جهاز الشرطة كان ولا يزال فى خدمة الحاكم وليس فى خدمة الشعب، وعانى المصريون جميعا من ممارسات بعض ضباطه وليس الإخوان وحدهم، ولا أدرى لماذا يسعى الإخوان إلى الداخلية تحديدا؟ ولماذا لم يفكروا فى الخارجية والإعلام والجيش؟ وهل الضغط على وزير الداخلية هو بداية لإحكام قبضتهم على الدولة الحديثة وإدارتها بمنطق القبيلة؟، وأفهم أنه عندما يتذمر المرؤوسون من أوضاعهم يذهبون إلى رئيسهم، ولكن أن يذهب مجموعة من أمناء الشرطة «الذين ينتمون إلى ائتلاف الأمناء والأفراد» إلى المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين يطالبونه بالتدخل - كما نشرت الفجر - من أجل إصلاح أحوالهم المعيشية المشروعة، فهذا يعنى أنه يعوض ربنا فى الدولة المصرية، التى تتآكل علاماتها تحت سطوة بلاغة المنتصر، الذى لا تعرف انتصر على من؟ المرشد على عينى وراسى، ولكن ما هو وضعه أمام القانون، وما هى سلطاته التى يلجأ أصحاب المظالم إليها، أعضاء الجماعة التقوا الوزير السابق وطالبوه بالحصول على 10٪ من المقبولين فى الشرطة، وتم قبول نجل عصام العريان فى الدفعة الأخيرة، هم ضد المحسوبية وتجاوز القانون، ولكنهم يحللون لأنفسهم ما يحرمونه على الآخرين، وهل عند أعضائهم - الذين نعرف عنهم القليل - مزايا لا تتوافر فى بقية خلق الله؟ وهل يريدون زرع التحزب داخل وزارة تسهر - أو المفروض أن تسهر - لحماية أرواح وممتلكات هذا الشعب؟ يستعجل الإخوان وذراعهم السياسية جنى المكاسب، أو التى يعتقدون أنها مكاسب، ولكن المصريين يعرفون أن التدين ليس فى إطلاق اللحى، ويعرفون أيضا أنه ليس ضروريا أن يكون كل ملتح واضحا وصادقا وعادلا، والممارسات الأخيرة .. أكدت ذلك.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة