لا أحد يختلف على وطنية الدعوة التى أطلقها الشيخ محمد حسان برفض المعونة الأمريكية وتعويضها بإسهامات من المصريين بعد تحولها إلى أداة ضغط وابتزاز.
وقد حققت الدعوة استجابات واسعة بين المواطنين فى الداخل والخارج، كما تبناها الأزهر الشريف، وأنشأ لها آلية عمل من خلال صندوق دعم الاقتصاد الوطنى أو «صندوق العزة والكرامة» على أن يرأس مجلس أمنائه الإمام الأكبر شخصياً ويضم فى عضويته شخصيات عامة وخبراء اقتصاديين وعلماء ورموزاً دينية إسلامية ومسيحية.
وبقدر النجاح السريع للدعوة وتحولها إلى آلية عمل فى وقت قياسى فإننى أخشى عليها بحكم طبائع الأمور أن تمر بمرحلة الحماس السريع ثم الانصراف السريع أيضاً، فالمتوقع أن يجتذب «صندوق العزة والكرامة» مليارات الجنيهات مع حالة الفوران الوطنى المصاحبة للدعوة، لكن لا أحد يضمن استمرار تدفق التبرعات للصندوق على المدى المتوسط أو البعيد، كما أن الصندوق بحكم آليات إنشائه مخصص لاستقبال الإسهامات وتحفيز المواطنين وليس لاستثمارها أو لتحويلها إلى مصدر إنتاج مستمر.
هل معنى ذلك أن ننصرف عن الترويج للدعوة ودعم الصندوق؟ بالقطع لا ولكن علينا أن نعى طبيعة الصندوق المرحلية فى مواجهة الضغوط الأمريكية وفى تحفيز الإرادة الشعبية حتى تدفع سفينة الوطن إلى الأمام فى هذه المرحلة الحرجة.
الجانب الذى أتمنى أن يأتى مكتملاً لهذه الدعوة التفات رموزنا الدينية والوطنية إلى إطلاق الدعوات المشابهة للحض على العمل والإنتاج باعتباره أشرف عمل وطنى فى المرحلة الحالية، وليكن لدينا دعوات لوقف الاعتصامات المعطلة للمصانع والمصالح الحكومية والمفاصل الحساسة للدولة، وكذلك لتشغيل القطاعات المغلقة أو المعطلة منها، وإعادة إحياء المشروعات المنتجة التى قضت عليها سياسات الهرولة نحو الخصخصة غير الرشيدة، وإعادة الاعتبار إلى العامل المصرى تأهيلاً وتدريباً وتشغيلاً.
الطاقة الهائلة للشعب المصرى بعد ثورة 25 يناير، للأسف الشديد فى حالة تنافر وتفرق، ولذلك يشعر كثيرون أن ثورتهم سرقت أو ضاعت أو تم استيعابها ويحاولون أن يعيدوا الكرة باتجاه ثورة أخرى على منوال الأولى، بينما الحقيقة أن ثورتنا حية فاعلة، لكنها تحتاج إلى موجه وطنى يجمع شتاتها، بحيث تتكامل على هدف ومشروع وخطة عمل، وساعتها ستتحقق المعجزات.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة