راجع الأيام القريبة فى ذاكرتك واستدع منها التصريحات التى خرجت من قيادات الأحزاب والتيارات السياسية والائتلافات الثورية، وهم يتحدثون عن إنكارهم لذاتهم ولمصالحهم الشخصية، ورفع راية التعاون من أجل مصر، راجع الأيام الأولى للنشطاء السياسين بعد الثورة، واستمتع بشعارات الوحدة، وكله من أجل مصر، وهى ترن فى أذنك، وأنت تتبع رنتها هذه بنظرة إلى السماء مصحوبة بعبارة تقول سبحان الله.. هل نجحت الثورة فى أن تغير القوى السياسية، وتجمعها على قلب وطن واحد!!
الأيام أثبتت أن الثورة لم تغير سوى حسنى مبارك فقط، نقلته من خانة الرئيس الحالى إلى خانة الرئيس المخلوع، وأثبتت أيضا أن ذيل أغلب القوى الحزبية والسياسية لا يمكن تقويمه أبدا، حتى ولو علقنا فيه مليون ثورة، والدليل أن نفس الأحزاب والقوى السياسية كانت تدعو فى عهد مبارك إلى توحيد صفوف المعارضة، وإلى موائد حوار نهارا، وحينما يأتى الليل يتسلل كل واحد منهم ليرتمى فى حضن الحزب الوطنى أو النظام عموما، طمعا فى مكسب شخصى، أو ضمان تفوق نسبى على باقى التيارات الأخرى، وهى نفس الحدوتة التى نعيشها الآن.. مع اختلاف طبيعة ونوع الحضن الذى تسعى إليه الأحزاب والتيارات السياسية عن حضن نظام مبارك.
رفعت السعيد والبدوى وأسامة الغزالى وساويرس ومحمد مرسى والبرادعى وباقى شلة الأحزاب، وحتى شباب الثورة الذين فشلوا حتى هذه اللحظة فى خلق كيان سياسى ثورى يجمعهم، ويسعى لتحقيق أهداف ثورتهم، بدأوا الحدوتة بكلام كثير حلو عن وحدة الصف، وحاجة مصر إلى ائتلاف وتعاون يعبر بها من نفق المرحلة الانتقالية، ولكنهم أنهوها بسرعة شديدة بشكل مأساوى وبكلام «ملتوت»، بمعارك تقسيم تورتة مجلس الشعب، وخناقات حول عدد كراسى كل حزب فى الحكومات الإئتلافية، وترصد كل حزب بالآخر تحت قبة البرلمان.
الأزمة الحقيقية فى تلك الكذبة.. كذبة توافق الأحزاب على عمل وطنى من أجل مصر، تكمن فى سعيهم لتحويل الخيانة إلى وجهة نظر، وتصوير الخلاف والصراع الحاصل بينهم وكأنه حراك فكرى، بينما الحقيقة تقول إن الخلاف سببه «عظمة» بلا صاحب والكل يلهث للفوز بها منفردا.
خونة.. ربما يكون اللفظ قاسيا، ولكنه الأنسب لكل حزب أو قيادى سياسى، فشل فى أن يهزم نفسه الأمارة بسرقة أكبر قطعة من التورتة، بعد أن اتفق على تقسيم جماعى عادل، حتى ولو كانت نتيجة إشباع مكاسبه الشخصية.. جوع مصر كلها.
الأحزاب التى عشمت الناس بوحدة صف، وعمل ائتلافى من أجل الخروج بالثورة من نفق المرحلة الانتقالية المظلم، ثم نكثت بعهودها، وأخلت باتفاقها، وتسببت فى كل هذا الارتباك الذى نعيشه منافقة، والله من فوق السماء السابعة أوصانا بعدم ائتمان المنافق.
أنا لا أفتش فى ضمائر أحد، ولا نوايا البرامج الحزبية التى تبدو فقيرة ومتشابهة، و«ماسخة»، ولكن أخشى على المواطن المصرى الذى يطارده «الغلب» اقتصاديا بالجيوب الفارغة، والأسعار المرتفعة، وسياسيا بالأحزاب المنافقة، بأى منطق ستدعونه لأن يكون إيجابيا ومتفائلا وصبورا، بأى منطق ستدعونه لأن يكون مطمئنا، وآمنا على مستقبل الوطن ووحدة صفه، وهو يختار من بين أحزاب وحركات سياسية فشلت فى توحيد صفوفها، والاتفاق على كلمة سواء، بأى منطق ستدعونه لأن يختار من بين متعدد، بات يعلم يقينا أن أغلبه غير فاعل وغير صادق.
قلبى مع المواطن المصرى الباحث عن حرية ونهضة مابعد الثورة، والمحشور بين خيارات أحلاها مر، ومرارته قاتلة، وأملى فى فطرته السليمة القادرة على تمييز الخبيث من الطيب.. وفى رحمة الله التى اختزنها لهذا الوطن الأمين.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب مصدر السلطات
عند الضروره فقط ستجد شعب مصر كله فى التحرير - هذا سكون ما قبل العاصفه
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب مصدر السلطات
لقد تغير الشعب وهذا اهم انجازات ثورة 25 يناير - كل ما علينا الان هو فضح كل عميل وخائن
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب مصدر السلطات
الشعب لا يموت وميدان التحرير موجود فلننتظر محصلة ما يدور خلف الكواليس ولكل حادث حديث
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب مصدر السلطات
بايديهم سيقررون طبيعة المرحله القادمه اما عداله واستقرار واما مرحلة تصفيه ودق الاعناق
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
د.شريف
السنة
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب مصدر السلطات
الثوره المصريه حتى الان سلميه 100% وهم يدركون هذا تماما - (اتقى شر الحليم اذا غضب)
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
رفيدة محمد
صدقت
عدد الردود 0
بواسطة:
mervat
الكابة
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب مصدر السلطات
عدم المساواه بين الفردى والقائمه قد يكون سببا كافيا لانهيار البرلمان - التخبط مستمر
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
ريكو
لقد تلاعب الساسة (قدامى او حديثين) بمشاعر المصريين تحت مسميات العدالة الاجتماعية والمساواه
اقرأ التعليق