ناجح إبراهيم

الإندونيسيون والقرضاوى.. بين النص والواقع

الثلاثاء، 21 فبراير 2012 03:50 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ذهب الشيخ القرضاوى إلى إندونيسيا منذ أكثر من ثلاثين عاما وكان وقتها قد انتهى من كتابه الشهير «فقه الزكاة» الذى حصل به على الدكتوراه فى أوائل السبعينيات، وهناك اشتكى له بعض مسلمى إندونيسيا من أن فقهاءهم وعلماءهم يأمرون الفلاحين الفقراء بدفع الزكاة لأنهم يزرعون أرضهم الصغيرة بالقمح والشعير، فى الوقت الذى لا يوجبون دفع الزكاة على الأغنياء الذين يزرعون مئات الأفدنة بالمطاط ويكسبون الملايين لأن هؤلاء الفقهاء من الشافعية وهو المذهب الفقهى المنتشر هناك والشافعية وكذلك الجمهور لا يرون أخذ الزكاة من زارعى المطاط لأنها ليست من أصناف الزكاة التى عدها رسول الله «صلى الله عليه وسلم» ويفرضون على زارعى القمح والشعير زكاة لأنها من تلك الأصناف فقال لهم: الشريعة الغراء عدل كلها ولا ترضى بفرض الزكاة على من يزرع فدانا أو فدانين من فقراء المزارعين، فى الوقت الذى يعفى منها من يزرع مئات الأفدنة ويربح الملايين. والعدل أن نأخذ من زارعى المطاط وغيره من الثمار التى لم تكن موجودة على عهد النبى كغيرها عملا بقول الإمام العظيم أبى حنيفة النعمان الذى أوجب فى كل ما يخرج من الأرض زكاة مستدلا بعموم القرآن فى قوله تعالى «وآتوا حقهِ يوم حصاده».

ففرح الإندونيسيون بهذا الرأى وشعروا بعظمة الشريعة وعدلها وواقعيتها.وهنا نطرح سؤالاً هاماً: ما الفرق بين موقف القرضاوى وموقف الفقهاء الإندونيسيين؟

أن الأول نظر إلى واقع الناس واختار لهم من الفقه الإسلامى ما يتناسب مع واقعهم ويحقق العدل ويطمئن قلوبهم إلى واقعية الشريعة وعدلها.

إننا نريد من الدعاة والعلماء أن يتوقفوا قليلا بين قراءتهم لكتب السلف والتراث وبين صعودهم للمنبر وساحات الدرس وقضايا الإفتاء لينظروا إلى واقع المجتمع الذى يعيشون فيه ويتحدثون إليه ويفتون أفراده. إن الجمع الصحيح بين الواجب الشرعى أو «النص» وبين الواقع العملى هو أزمة الدعوة والدعاة والعلماء فى عصرنا الحالى ليس فى مصر وحدها ولكن فى أغلب بلاد المسلمين، فما بين ناظر «للنص» ومهتم به دون أن يعلم شيئا عن الواقع الذى سينزل عليه هذا النص أو سيعمل فيه هذا الحكم، فالنصوص لا تعمل فى فراغ وإنما جاءت لتحل وتعالج قضايا مجتمعية معينة. والنظر فى النصوص أو أقوال السلف دون فهم الواقع الذى ستعمل فيه هذه الأحكام والفتاوى والمعالجات سيؤدى إلى خلل خطير فى تنزيل هذه الأقوال والنصوص على الواقع المناسب لها.

وهناك من ينظر «للواقع » فقط لأنه يضغط عليه ضغطا شديدا وينسيه ويشغله عن رؤية النص الشرعى أو أقوال الفقهاء فيغيب عنه «وحى السماء» وطريقته فى إصلاح مجتمعه.فهل نجمع بينهما جمعا صحيحا أم نظل فى التيه حتى حين؟!!!








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة