لا يختلف اثنان من المدخنين على أضرار التدخين القاتلة، ومع ذلك يتأفف الكثير من المدخنين من وضع بعض الصور التحذيرية على علب السجائر، وينهالون سبا فى واضع الصور، ومبتكر تلك الطريقة التحذيرية الصادمة، وزاد الأمر هذه الأيام حينما قررت وزارة الصحة أن تتخذ طريقة صادمة فى الإعلان عن أضرار التدخين، بتصوير حالات طبيعية لمصابين حقيقيين، وهى الطريقة التى أنعشت الخيال المصرى فى تغطية علب السجائر.
بعض المدخنين خبأوا هذه الصور بورقة يضعونها ما بين العلبة الكارتون والغلاف السلوفانى للعلبة، البعض الآخر استخدم علبة سجائره القديمة، وفريق ثالث أراح نفسه تماما، واشترى علبة حديدية جديدة، مكتوبا عليها بخط جميل اسم النوع الذى يفضله، والقلة القليلة هى التى حاولت على مضض أن تتصل بالرقم المكتوب على علبة السجائر للمساعدة فى الإقلاع عن التدخين، لترد عليه السيدة المحنطة فى جهاز الرد التلقائى بأن جميع المندوبين مشغولون، وما عليك إلا الاستماع لبعض أضرار التدخين الإضافية، دون أن يبل أحد ريقك بمساعدة حقيقية تسهم فى إقلاعك عن التدخين.
هكذا تغلب الكثير من المصريين على قوة النبرة التحذيرية المرسومة على علب التدخين، بالتغطية التى تعد خداعا للنفس وتزييفا للحقائق، فلا أحد يشكك فى صدق هذه الصور، وإمكانية أن يصبح المدخن الشره صاحب صورة مثل هذه فى يوم من الأيام، لكن بدلا من أن يعدل من سلوكياته أو يواجه نفسه بالحقيقة المرة، خبأها بطرق تفنن فى تطويرها، تماما كمن يقوم من النوم متأخرا عن ميعاده، فبدلا من أن يسرع للحاق بما فاته يؤخر ساعته ليطمئن نفسه ويهدهدها، وتماما كمن يعرف الحق ويجاهد فى إقناع نفسه بغيره لأن الحق يتطلب بعض الشجاعة والمجهود والشفافية والإرادة والصدق مع النفس والله والوطن.
لا تغطى علبة سجائرك، ولا تتفاءل باستغفال، ولا تحبط نفسك بسلبية، فقط واجه نفسك بالحقيقة التى تعرفها جيدا، وهى أن التدخين ضار جدا بالصحة، ويسبب الوفاة والألم، وعلى الأقل، لا تشتم من وضع هذه الصورة ليحذرك من الأضرار المقبلة، واشتم نفسك التى ترمى بها إلى التهلكة، ومندوب وزارة الصحة الذى تركك ساعة على التليفون دون أن يساعدك، وساعد نفسك على ما تراه صحيحا، أو على الأقل لا تخدعها، ولا تنهر من يهتف محذرا يسقط يسقط حكم العسكر.