اتجمعوا العشاق فى سجن القلعة... اتجمعوا العشاق فى باب الخلق.. والشمس غنوة من الزنازن طالعة.. ومصر غنوة مفرعة فى الحلق.. اتجمعوا العشاق فى الزنزانة.. مهما يطول السجن مهما القهر.. مهما يزيد الفجر بالسجانة.. مين اللى يقدر ساعة يحبس مصر؟
سؤال الذى أطلقه الشاعر القدير زين العابدين فؤاد فى سبعينيات القرن الماضى على سبيل الاستنكار فى آخر المقطع الأول لأغنية «اتجمعوا العشاق» فأصبح سؤالا أبديا، واستنكارا أبديا أيضا، إذ لم يقدر أحد على مر الزمان على أن «يحبس» مصر، لذلك أصبح من الثابت إذا ما غنى أحد هذه الأغنية منذ عشرات السنين ووصل إلى هذا السؤال أن يرد السامعون: ولا حد.
فعلا «ولا حد» وحقا ولا حد، مين اللى قدر يحبس أبناءها المخلصين الأوفياء الأشداء الذين يرابطون على قيمه النبيلة، ويحفرون بشجاعة ونصاعة وشرف تاريخا جديدا مستكملا حلقات النضال الوطنى المصرى، يؤكدون كل يوم على أن مصر لن تغيب أبدا، ولن يقدر أحد على محو هويتها المتسامحة الرحبة الناصعة القوية المؤمنة الكبيرة الباسمة العفية.
مادامت مصر ولادة وفيها الطلق والعادة هتفضل شمسها طالعة برغم القلعة والزنازين، كما قال الشاعر الكبير أحمد فؤاد نجم، ومصر الولادة التى اجتهد المخربون الحقيقيون فى طمسها تأتى إلينا بلا سابق إنذار، يد تبنى وقلب يبدع وروح تثور، شاهد حلقة أمس الأول للإعلامى الكبير يسرى فودة وهو يستضيف صوتين من أروع أصوات مصر شعريا وغنائيا، لتتأكد من أن شمس مصر لن تغيب، ببساطة الشاعر مصطفى فوزى العميقة، ورهافة صوت مصر الواعى الشجى محمد محسن، تصل إلى المعادلة الحقيقية للمصرى الأصيل، الذى لا يحلم بالمحال، فقط يحلم بمصر التى نعرفها جيدا، مصر التى قرأنا عنها فى كتب التاريخ، وشاهدناها فى الميدان، مصر التى سنصل إليها عبر ثورتنا المستمرة والتى لن تخبو مهما حاربوها واضطهدوها وكتموا على أنفساها.
مين اللى يقدر ساعة يحبس ائتلافات شبابنا الواعى التى كتبت عنها منذ أيام؟ ومين اللى يقدر ساعه يحبس أفذاذنا المنتشرين فى كل الربوع؟ ومين اللى يقدر ساعة يحبس صوت محمد محسن ورامى عصام وعلى الهلباوى وعلى طالبات، ومحيى صلاح، وفادى فريد ومصطفى السعيد، أو كلمات محمد السيد أو محمد طلبة أو مايكل عادل أو وائل فتحى أو ميسرة صلاح، أو مصطفى حجازى، أو أنغام حازم شاهين أو محمد أبوزكرى، من اللى يقدر ساعة يحبس جيل لا يستطيع أحد أن «يضحك عليه»، هؤلاء الذين التقوا فى الميدان فغنوا: عمال وفلاحين وطلبة، دقت ساعتنا والتقينا، نازلين طريق ملهش راجع، والنصر قريب من عنينا، والنصر قريب من إدينا.