الشعب يريد، هذه هى الجملة التى أطلقها الثوار فى ميدان التحرير، فمن بين ما أراده الشعب محاكمة مبارك، وبعد ضغوط ونضال تم وضع الطاغية فى القفص، وها نحن بانتظار النطق بالحكم عليه يوم 2 يونيو القادم. ثورة يناير مختلفة عن كل نضال الشعب المصرى السابق، وأحد أهم مظاهر الاختلاف أن الشعب أصبح طرفًا فى المعادلة السياسية، ودعنا نقُل إن ما يجرى الآن هو صراع حول بقاء الشعب المصرى مستيقظًا، واعيًا، مراقبًا، وفاعلاً فى نفس الوقت.
كانت الدولة المصرية بكل قوتها وعنفها حاضرة فى المشهد السياسى المصرى منذ حركة يوليو 1952، وكان الشعب يتم توظيفه واستخدامه لصالح الدولة وأهدافها ومقاصدها.
أما اليوم فإن الشعب قرر أن يكون فى قلب المعادلة السياسية، وبقدر ما يكون حضور هذا الشعب فى المشهد السياسى بقدر ما تكون الثورة ماضية إلى وجهتها الصحيحة. البرلمان بغرفتيه الشعب والشورى ليسا بديلاً عن يقظة الوعى الثورى لدى الشعب، فلا يزال مشوار التغيير فى مصر طويلاً، ويحتاج لدعم الشعب المصرى لمؤسساته لكى يتم التغيير.
من أجل ذلك لا نريد أصواتًا تتحدث بنغمة نشاز تقول إن الشعب قد أدى دوره وقام بثورة خلعت الطاغوت ووضعته هو وبعض بطانته فى القفص، وهذه النغمة تقول أيضًا إن الشعب قد صوت للبرلمان، ومن ثم فعليه أن يستريح ويعطى الفرصة للبرلمان لكى يعمل. علينا أن نتذكر أن البرلمان بحاجة إلى الشعب فى مواجهة قضايا محاكمة الفاسدين وعزل أعضاء الحزب الوطنى ومصادرة أملاك المغتصبين ومراقبة تسليم السلطة إلى المدنيين، ومراقبة وضع الدستور ومتابعة اختيار المنصب الأهم فى الدولة المصرية بعد الثورة، وهو منصب الرئيس.
الشعب هو صاحب السلطة والكلمة بعد ثورة 25 يناير، وثورته هى مصدر الشرعية الأول لكل البنى والمؤسسات المختلفة ولا يمكن للوكيل أن يكون بديلاً بشكل كامل عن الأصيل، فالشعب هو الأصل والأساس، وكفاحه حق له فى الشارع وفى الجامعة وأمام البرلمان وفى الميدان، بشرط أن يكون ذلك خطّا مرسومًا مستندًا إلى سلمية ذلك الكفاح، فعظمة الثورة المصرية وقوتها هى أنها كانت ثورة سلمية.
لابد أن نعترف أن هناك قوى سياسية واجتماعية تعبر عن تنظيمات سياسية وتيارات فكرية لم تخرج بعد من ضيق هذه التنظيمات إلى سعة ورحابة الفضاء المصرى الذى يعبر عن الجماعة الوطنية المصرية جميعها، وهذه المصالح الحزبية الضيقة لا ينبغى لها أن تختزل إرادة الشعب أو تحتكر الحديث باسمه أو التفاوض نيابة عنه فى تقرير مصير من يكون رئيس مصر القادم. الشعب المصرى استيقظ فلن يغفو، وقام فلن يقعد، وأسقط حاجز الخوف فلن يرهب، الشعب هو الأصل فلن يكون أحد بديلاً عنه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة