شرفت بالتحدث فى مؤتمر نصرة الأقصى الذى عقد الجمعة الماضى 24 فبراير بالأزهر الشريف، وشارك فيه قادة حماس وعلى رأسهم د.إسماعيل هنية، والزهار، والزهرى، والحية، ولأول مرة يخطب هنية من على منبر الأزهر بعد الجمعة ويستقبل استقبال الأبطال، فقلت فى نفسى: لقد غرسوا من قبل وها هى بعض جوائز السماء تنهال عليهم بعد أن كاد اليأس يتسرب إلى النفوس وبلغت القلوب الحناجر بعد الحصار الطويل.. وعادة ما يأتى الفرج الكبير بعد الكرب الشديد، «حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا».
ومن اللافت للنظر فى المؤتمر حضور بعض القسس المصريين إلى الجامع الأزهر وسط ترحيب كبير من الجميع، وقد دشن هذا المؤتمر تغيرات جذرية فى المشهد المصرى والفلسطينى على السواء ومنها:
1 - عودة حماس إلى الحضن المصرى الدافئ الذى حرمت منه طويلا، خاصة أن حماس تعتبر نفسها فصيلاً إخوانياً فلسطينياً تتشابه ثوابته مع الجماعة الأم.
2 - هتفت المنصة ضد بشار الأسد وحزب الله وإيران على مسمع من قادة حماس مما يعطى رسالة سياسية مفادها «أن حماس ستصرف وجهها فى الفترة القادمة عن إيران وحزب الله» وستكون مصر هى الحليف الرئيسى لها لاسيما مع الترحيب المصرى رسميا وشعبيا بها.
3 - حماس نبت سنى فلسطينى يعود إلى مصر راعية السنة الرئيسية فى المنطقة ولعل استقبال شيخ الأزهر د. أحمد الطيب لهنية وقادة حماس وتصريحه لهم أن أمنيته الغالية أن يموت شهيداً فى فلسطين، كل هذا يعنى أن هذا النبت لن يجد راحته إلا فى حضن شجرته الأصيلة مصر. وهذا لا يعنى تنكر حماس لكل السنوات التى ساعدتها ودعمتها فيها إيران مما أعان حماس على الصمود سنوات طويلة حينما تنكر لها معظم الأشقاء العرب ومنهم مصر مبارك. لم يحضر القساوسة إلى الأزهر منذ ثورة 1919، وهذه أول مرة يشارك فيها القساوسة فى مؤتمر دينى وطنى فى الأزهر ولعلها تكون البداية لتلاقى عنصرى الأمة المصرية مرة أخرى حول القضايا الوطنية والقومية والعربية الجامعية ووقف الاستقطاب المقيت الحاصل الآن. لن تتحرر القدس والأقصى إلا إذا كانت مصر قوية اقتصادياً وسياسياً وتقنياً وعسكريا، وكل ما يصب فى بناء مصر سيقرب الموعد.. وكل ما يهدم مؤسساتها سيؤخره وكانت هذه الفكرة هى ملخص كلمتى فى المؤتمر: بداية تحرير القدس تبدأ دوماً من الأزهر فهناك توأمة عظيمة بينهما فقد أصلح صلاح الدين الأيوبى الأزهر وحرره من الفكر الشيعى وسلمه لعلماء السنة فكرا أو أهل التصوف تربية وسلوكا فجمعوا بين حب أهل البيت وحب الصحابة جميعا فى وسطية رائعة ظلت مضرب الأمثال، ثم بنى منبر صلاح الدين للمسجد الأقصى حتى انتصر فى حطين ثم فتح القدس وخطب عليه.. واليوم يتكرر الأمر نفسه لتبدأ الإرهاصات من خطاب هنية على منبر الأزهر وقد يدرك جيلنا هذا اليوم أو لا يدركه، ولكن عزاؤنا أننا بذرنا البذور.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة