لم يكن أبو الفتوح ليبراليا ولا يساريا، بل إخوانى من رأسه إلى أخمص قدميه، مؤمن بمبادئ الجماعة المتمكنة فى قلبه، تسرى فى عروقه مجرى الدم، أخلاقه على نهج الرعيل الأول من الإخوان، وتصرفاته لم تخرج يومًا عن سمت مبادئ الشيخ الإمام، كان مع الدكتور عصام العريان، نافذة الإخوان المحترمة، فى كل الأوساط السياسية والثقافية، يقدرهما الليبراليون ويحترمهما المستنيرون، كانا علامتين على أن الإخوان ليسوا منغلقين ولا متطرفين.
ورغم أنى لم أكن يومًا نصيرًا للجماعة لكنى كنت مثل كثيرين غيرى أحترمهما، أقدر عقليتهما وثقافتهما، حواراتهما تصل إلى القلب لأن إيمانهما بمبادئ الجماعة كان يقينيا، لم يزايدا مرة ولم يدعيا التفرد، لم يتاجرا بمبادئهما ولا معاناتهما ولم يتخليا عن موقفهما، مرات كثيرة كانت ظهورهما عارية لكنهما لم يتراجعا.
عندما تقدم أبو الفتوح كمرشح للرئاسة اعتقدنا أنه الأنسب لتمثيل الجماعة فى هذه المعركة، ظننت أن الجماعة استخارت واختارت واحدا من أفضل رجالها ليكون مرشحًا للمنصب الأهم فى مصر حتى الآن، تخيلت أنها فضلته مرشحا باسمها لأنه سيحظى بأصوات المعارضين للإخوان قبل أن يحصل على أصوات أبناء الجماعة نفسها، لكن فاجأتنا الجماعة بما لم يكن متوقعًا، خلعته من كيانها وخلعت عنه رداءها، ضنت عليه بما كان يستحقه منها، تركته وحيدا لتعلن أنه ليس مرشحا باسمها ولا يعبر عنها.
ما كنا نتوقع من جماعة الإخوان أن تسقط واحدًا من أبنائها المخلصين، لم يكن متوقعًا أن تبخل عليه حتى ولو بدعم ظاهرى، لو دعموه لكان الأقرب مسافة من كرسى الرئاسة، لأنه الأوفر حظًا فى التمتع بدعم التيارات المختلفة.
نعرف أنها جماعة لا تسمح بالاجتهاد الشخصى خارج النص ولا تجيز التحرك بعيدًا عن السرب ولا تسمع لصوت يشذ عن المجموع، لكن أبو الفتوح لم يكفر ولم يخرج عن الملة الإخوانية لمجرد أنه يرى فى نفسه مواصفات الرئيس القادم، كان الأفضل بدلا من العزل العلوى من قيادات الجماعة أن يطرحوا أبو الفتوح للتصويت داخليا، إن حاز الأغلبية دعموه وإن تراجعت أصوات المؤيدين له كان ذلك كافيًا لمنعه من خوض المنافسة.
أطمع أن تغير زيارة المرشد العام لأبى الفتوح المصاب فى بيته اتجاهات الاختيار الإخوانى، أن تفتح الباب لمراجعة قرار البعد عن دعمه وأن تعيد طرحه من جديد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة