المشهد السياسى فى مصر مأزوم وغامض، فإما نخرج من الأزمة السياسية الحالية باستكمال الثورة وتحقيق أهدافها، أو ندخل- لا قدّر الله- فى مرحلة من الفوضى، ربما تنتهى بانقلاب عسكرى.
أمامنا ثلاث شرعيات متصارعة، الأولى للمجلس العسكرى، والثانية لشباب الثورة، والثالثة لبرلمان الثورة، وهى كلها شرعيات مأزومة، وغير قادرة على قيادة المرحلة وتوحيد الشعب.
شرعية المجلس العسكرى سقطت نتيجة أخطاء كثيرة، وشباب الثورة يحوز شرعية الميادين، وهى التى فجرت الثورة وحافظت على استمراريتها وقوتها، لكن الشباب منقسم على نفسه، ويتحرك بدون رؤية واضحة، أو أهداف متفق عليها لمرحلة ما بعد تسليم العسكر الفورى للسلطة.
أما البرلمان فهو الممثل الوحيد المنتخب عن الشعب، أى صاحب شرعية لا تتوافر للمجلس العسكرى أو لشباب الثورة، لكن شرعيته مأزومة أيضا نتيجة الطابع المحافظ للأغلبية، وخوفها غير المبرر من شباب الثورة، لأن الشباب يعترفون بشرعية البرلمان رغم تمثيلهم المحدود فيه، كما أن البرلمان فى حاجة إلى شرعية الميادين، وقوة الشباب وأفكارهم غير التقليدية. ويبدو أن الإخوان والسلفيين تصوروا أن شرعية الميادين تتعارض مع شرعية البرلمان، وهو تصور غير صحيح تنقصه المعرفة والخبرة، لكنه نتاج لأزمة الثقة بين القوى السياسية التى صنعت أعظم ثورات مصر ثم تفرقت لأسباب غريبة، ولاشك أن الثورة المضادة والمجلس العسكرى استفادا من هذه الفرقة وربما شجعا عليها.
لماذا لا نفكر ونعمل من أجل استعادة وحدة قوى الثورة، وقتها سنجد برلمان الثورة مدعوما بقوة شرعية الميادين وشباب الثورة، وهى مهمة سهلة، فأكثر من %90 من أعضاء البرلمان شاركوا فى صنع الثورة، لكن عليهم أن يثبتوا للشعب أنه انتخب ثوارا حقيقيين لم يتغيروا، بل بدلوا مواقعهم فقط من الشوارع والميادين إلى البرلمان، وأنهم نواب لا يتطلعون لمنصب أو جاه.
على النواب أن يثبتوا انتماءهم للثورة، وامتلاكهم خيالا سياسيا، وطموحا مشروعا ولدته أعظم ثورات مصر.
أقول ذلك بعد أن صُدمت بالأداء البيروقراطى التقليدى لبرلمان الثورة، ورئيسه الكتاتنى الذى بدا حريصا على تقليد سرور فى طريقة الأداء، والأهم صلاحيات المجلس وأسلوب عمله!
لا يصح أن يتحول البرلمان إلى «مكلمة» للتنفيس واحتواء ردود الأفعال الغاضبة، وإصدار توصيات وتشكيل لجان، كما كان يفعل سيد قراره، بل لابد من اتخاذ قرارات وطرح رؤى وتغييرات هيكلية فى مؤسسات الدولة، وفى مقدمتها القضاء والداخلية والإعلام.
ولا يصح أن يتباطأ برلمان الثورة فى تحميل المسؤولية السياسية والأخلاقية للحكومة والمجلس العسكرى عن كارثة بورسعيد، واتخاذ قرارات ملزمة لكل الأطراف بما فيها المجلس العسكرى. المسؤولية السياسية أيها النواب تسبق التحقيق النيابى أوالقضائى الذى يهتم فقط بالتفاصيل وجوانب القصور على مستوى الحدث الكارثة.
لا يصح لبرلمان الثورة أن يطلب، بل يأمر بإقالة النائب العام، وأى موظف يعمل لدى الشعب الذى انتخبكم أيها النواب، ومن العيب وأنتم الثوار، أو كنتم هكذا، أن تبحثوا فى صلاحية اللائحة والقوانين، أنتم أيها النواب الثوار يمكنكم تغيير القوانين واللوائح، أنتم الآن تؤسسون لجمهورية جديدة.
ومن العيب أيضا وقد كنتم معارضين عانيتم من السجن والاضطهاد، أن تضطهدوا المعارضين لكم، أو تتهموا بالتآمر والعمالة، إلى آخر قاموس الثقافة السياسية البائسة لنظام مبارك..
أرجوكم لا تقلدوا المستبد الذى انتهك حقوقكم وحقوق الشعب. كيف يجرؤ الكتاتنى على التفكير فى منع متابعة الشعب وقائع البرلمان؟.. من حق الشعب أن يتابع ويعرف ويراقب أداء النواب.. أخيرا عليكم أيها النواب أن تستخدموا البرلمان من أجل حماية الثورة واستكمال أهدافها بأفكار وأساليب ثورية.. جربوا ذلك.. لا تخافوا، وسترون الشعب كله يقف معكم.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة