أزعجنى للغاية الخبر الذى تناقلته وسائل الإعلام السبت حول توصل لجنة الدفاع والأمن القومى بمجلس الشعب مع اللواء أحمد جمال، مساعد وزير الداخلية، إلى هدنة ساعتين بين المتظاهرين وقوات الأمن لوقف الاشتباكات، حتى يتم بناء حواجز أسمنتية فى الشوارع المؤدية للوزارة. وسبب انزعاجى هو الطريقة الكارثية التى يتم بها إسباغ الشرعية على الخارجين على القانون والبلطجية واعتبارهم جبهة أو ندّا للدولة يتم التفاوض معهم واسترضاؤهم، والتعامل الرخو مع الاعتداءات على المؤسسات الرسمية، والخوف من تطبيق القانون.
ألف باء الدولة هى القدرة على بسط هيبة القانون وحماية المؤسسات ومصالح المواطنين والدفاع عنهم ضد أى خطر يتهددهم، فأين كان المسؤولون، وهيبة القانون والدولة معلقة بخصر مراهق تافه يقذف مبنى وزارة الداخلية بالحجارة ويتراقص ببذاءة وهو يشير للعساكر الذين يؤدون واجبهم بإصبعه الوسطى وتتحرك شفتاه بالشتائم فى مشهد متكرر تناقلته جميع الفضائيات دون أن يجرؤ أحد الجهابذة المزايدين على توضيح حدود الحق فى التظاهر والاعتصام، متى يبدأ وأين ينتهى.
كيف أتفاوض مع من يستحق القبض عليه ومعاقبته؟ كيف أتفاوض مع من دمر رصيد ثورة 25 يناير لدى أغلبية الشعب المصرى الحقيقى وليس شعب الفضائيات؟ كيف أتفاوض مع من أرجعونا أحد عشر شهرًا كبيسة من المرحلة الانتقالية؟ اللهم إلا إذا كان هذا الفعل غير القانونى مقصودًا من قبل المسؤولين فى الحكومة والمجلس العسكرى للتغطية على تقصيرهم على مستوى فرض الأمن فى القاهرة والمحافظات.
وماذا بعد الهدنة المخزية مع هؤلاء الحمقى من أطفال الشوارع الغاضبين؟ هل أصبح كل المراد من رب العباد هو حماية مبنى وزارة الداخلية من دون سائر مؤسسات الدولة ومصالحها وكأنه المبنى المقدس الذى تهون فى سبيله سائر المؤسسات الأخرى؟ ولماذا تختزلون الدولة فى مؤسسات الجيش والشرطة وتختزلون الأمن فى المواجهات بين العساكر والغاضبين أيّا كانوا أصحاب فكرة أو بلطجية أو مدفوعين لإبقائنا على حافة الخطر والإفلاس طول الوقت؟
ينسى كثيرون أننا قطعنا شوطًا مهمّا فى اتجاه بناء مؤسساتنا، وأولها مجلس الشعب، أيّا كانت ملاحظات البعض عليه، وفى اتجاه استكمال «الشورى» وبعدها انتخابات الرئاسة، ويصرون على أن الشكل الأوحد لإعلان الموقف السياسى هو الهتافات الرنانة وصولاً إلى إلقاء الحجارة فى معارك الكر والفر مع الشرطة دون معرفة حدود هذه المعركة أو تحديد أهدافها، لكن لأن القابضين على مقاليد الحكم والإعلام لدينا معظمهم فلول لا تجد منهم من يتصدى بشجاعة أو حتى بذكاء لوضع الأمور فى نصابها، والنتيجة.. أن البلد فى محنة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة