تتدافع الدعوة إلى العصيان المدنى 11 فبراير، وتكبر مثل كرة الثلج المتدحرجة، بدأت من فيس بوك ثم انتقلت إلى طلاب الجامعات وصولا إلى النقابات العمالية المستقلة، ثم بدأت أطراف أخرى تدخل على الخط خوفا من الغياب عن المشهد، عبر إعلان تأييدها بصوت خافت حتى تتأكد أنها فى المشهد الصحيح.. الدعوات للعصيان المدنى اتفقت على يوم 11 فبراير فقط ثم جعلته ثلاثة أيام يمكن أن تمتد، دون أن يسألوا أنفسهم هل مثل هذه الدعوة هى التحرك الأمثل الآن؟ وماذا يضيف الاعتصام إلى ما هو حادث على الأرض؟
يبدو أن الاستسلام لهوس الثورة أو مظاهرها الخارجية مثل الاعتصام والتظاهر بما تتضمنه من هتافات وصراخ ومواجهات مع الشرطة قد استغرق الكثير منا وجذبهم مثلما تجذب النداهة البحارة التائهين حتى لم يعودوا يتصورون الحياة بدون اعتصام أو تظاهر أو مواجهات مع الشرطة، كما لم يعودوا يتصورون الثورة إلا بهذه المظاهر الأولية لها والتى كانت لازمة فى مرحلة سابقة، بينما تحتاج إلى تطوير وتعميق فى مراحل تالية، علينا أن نخوضها للحفاظ بالفعل على مكتسبات الثورة.
ألتمس العذر لبعض الشباب الداعين إلى العصيان المدنى على فيس بوك وأتفهم حماس طلاب الجامعات واستجابتهم السريعة للدعوة، لكنى لا أفهم حقيقة كيف يسارع رموز النقابات العمالية المستقلة إلى الاستجابة للدعوة، وفق أى منطق ومن أجل أى أهداف؟ هل نسى المناضل كمال أبوعيطة أن مصر كلها فى حالة عصيان مدنى منذ سنة كاملة؟ وهل يفيد هذا العصيان النقابات العمالية فى شىء أم أنه يدعم فكرة الحق فى الاعتصام والسلام؟ ولماذا يتصور كثير من القيادات العمالية أن الحق فى الاعتصام طريق فى اتجاه واحد يبدأ وينتهى بسلطة العمال على إيقاف العمل والضغط على الإدارة - أيا كان موقعها - لتحقيق مجموعة من المطالب، دون أن يكون للإدارة مطالب هى الأخرى أو سلطة فصل العمال وإحلال عمال آخرين محلهم.. المسألة فى المواءمة السليمة بين المختلفين لتحقيق المصلحة العامة، وفى هذا السياق علينا أن نبحث عنها مثلما نبحث عن الإبرة فى كوم القش بفعل الإرادات التى أتلفها الهوى.
الأخطر فى هذا الموضوع هم فريق «المطبلاتية» المزايدون الذين لا يريدون أن يغيبوا عن المشهد حتى لو كان مشهد خراب ودم وكساد، وتجدهم يصبون الزيت والكلمات الرنانة على أى نار يبدو أنها ستشتعل وتجذب الكاميرا، هؤلاء لا نجد فى هذه الفترة العصيبة إلا أن نقول لهم «منكم لله».
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة