سليمان شفيق

دماء الأبرياء على ملابس العسكر

الأربعاء، 08 فبراير 2012 04:01 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لقد انتصر المسيح حينما قتل هيرودس الأطفال.. «فلما رأى هيرودس أن المجوس سخروا منه، استشاط غضبا وأرسل فقتل كل طفل فى بيت لحم، من ابن سنتين فما دون ذلك، فتحقق ما قاله الرب على لسان النبى أرميا: صوت سمع فى الرامة بكاء ونحيب شديد راحيل تبكى على بنيها وتأبى أن تتعزى لأنهم زالوا عن الوجود» متى 2:16-18

هذا المقطع من إنجيل متى، يحكى قصة حدثت بعد ميلاد المسيح إذ علم هيرودس ملك اليهود القوى من بعض المجوس «العرافين» أنهم يزورون فلسطين لأن حدثا عظيما قد حدث وهو ميلاد المسيح، فخاف هيرودس القوى على ملكه، وطلب من المجوس إخباره بمكان الملك الذى وُلد، ولكن المجوس لم يعودوا إليه، لأنهم علموا بنواياه، فلم يكن أمام الملك هيرودس سوى أن يقتل كل مواليد بيت لحم دون السنتين حتى يقتل المسيح، فعل ذلك خشية على رقبته وعلى حاشيته وعلى عسكره خاصة أن ثورة الإسخريوطين كانت فى أوج عنفوانها.

ولكن دماء أطفال بيت لحم صارت فداء للمسيح، ذلك الذى هرب من وجه هيرودس إلى مصر وعاد لينتصر.

لست أدرى لماذا تذكرت هذا النص الإنجيلى عن مذبحة بيت لحم بعد مذبحة بورسعيد؟ هل لأن القتلة على مر الزمان لا يرتوون إلا بالدماء؟ أم لأن شجرة الحرية لا تروى إلا بالدماء؟ ومن بيت لحم إلى بورسعيد ستظل دماء شهدائنا تعدد طرق الثورات، وتكتب على جبين الإنسانية: لقد انتصر المسيح حينما قتل هيرودس أطفال بيت لحم.

ما أبعد المسافة بين بيت لحم وبورسعيد، ولكن ما أشبه خناجر القتلة الملطخة بدماء الأطفال، وما أشبه عروش الطغاة المصنوعة من جماجم الأبرياء، راحيل تبكى أولادها وترفض العزاء وهكذا جميع أمهات الألتراس وهكذا جميع أمهات شارع محمد محمود ومجلس الوزراء وجميع أمهات ماسبيرو، وجميع أمهات شهداء الثورة يرفضن العزاء.

ما أشبه عسكر هيرودس بعسكر مبارك، عسكر هيرودس ذبحوا رجال الدين فى المسافة ما بين المحراب والهيكل، وعسكر مبارك قتلوا أنبل الشهداء الشيخ عماد عفت ما بين الأزهر ومجلس الوزراء، عسكر هيردوس دهسوا الثوار الإسخريوطين تحت سنابك الخيل فى الناصرة وعسكر مبارك دهسوا ثوار ماسبيرو تحت جنازير مدرعاتهم بالقاهرة، ومن رأس المعمدان بعد رقصة سالومى إلى هتك أعراض النساء فى مجلس الوزراء، وإلقاء الأبرياء أحياء من فوق سطح الهيكل بالقدس أو من أعلى استاد بورسعيد.

يا إلهى.. كل هذا الحزن لى، واصحاب اللحى من الحاخامات الذين تواطئوا مع هيرودس، أصحاب الأغلبية فى ذلك الزمان، هم ذات اللحى ونفس الأغلبية، وكما بالأمس يصير الآن حيث يدلسون وهم يدبجون البيانات المضللة فى محاولة لتبرئ عسكر مبارك من دماء الشهداء، كما حاول بيلاطس البنطى تبرئة نفسه من دم المسيح.

يا وجع وحزن الأنبياء الأوائل: إن شئت فلترفع عنى مر هذه الكاس «هكذا قال السيد المسيح حينما كان وحيدا ومهموما فى البستان، اللهم أشكو إليك ضعف قوتى وقلة حيلتى وهوانى على الناس» هكذا قال النبى «صلى الله عليه وسلم» شاكيا إلى ربه ضعفه، ولكن من دماء الشهداء يرتوى عشب الثورة، ومن ضعف الأنبياء ينبلج الفجر، وتتفجر ينابيع الثورة.. ويسقط حكم العسكر.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة