ومازلنا فى الحديث عمن حمى الثورة ومن يحميها الآن أو يتبنى أهدافها، وقلنا إنه ليس من مصلحة الثورة أو الشعب أن تتحول العلاقة بين البرلمان والشارع إلى التوتر، ومجلس الشعب جاء بانتخابات وهو السلطة التى من حقها أن تأخذ فرصة التشريع والرقابة. وعلينا أن نتجاوز الحديث عمن حمى الثورة لأنها ثورة شارك فيها المصريون وصوتوا لاختيار نوابهم، ولا توجد طريقة أخرى غير الانتخابات يمكن بها ممارسة الحقوق.
المشكلة فى مجلس الشعب وما شهدناه فى الجلسات حتى الآن، أنه يكشف عن غياب للخبرة البرلمانية لدى قطاع كبير من النواب مقابل رغبة فى «سرقة الكاميرا»، ظهرت منذ الجلسات الافتتاحية. ونتوقع أن تستمر لفترة طالما بقيت الجلسات معروضة على الهواء. وبعد أن كنا نعانى من ظاهرة نواب «أبو الهول» الصامتين فى برلمانات الحزب الوطنى، أصبحنا نعيش ظاهرة النائب «التليفزيونجى» الذى يتحدث لجمهوره المستهدف انتظارا للتأييد أو التصفيق.
وهناك ميزة لجعل الجلسات على الهواء، والأصل فى جلسات البرلمان هى العلنية، حتى يعرف المواطنون من يتحدث باسمهم ومن يغنى عليهم، ومن الصعب أن نكتشف حتى الآن الفرق بين النائب الذى يؤدى أداء برلمانيا، وذلك الذى يؤدى أداء تليفزيونيا، خاصة أن هناك عددا كبيرا من النواب احترفوا الظهور أمام الكاميرا فى البرامج كضيوف أو مقدمى برامج، وهذه الاحترافية تجعل النائب الفضائى قادرا على تقديم ألعاب تعجب الجمهور حتى لو كان عاجزا عن صنع مواقف تخدم هذا الجمهور، وتدافع عن مصالحه.
العمل البرلمانى هو العمل التشريعى والرقابى، العمل التشريعى يستلزم معرفة القوانين المطلوبة والتى تترجم المطالب إلى قوانين وتشريعات. وإذا كنا نتحدث عن أهداف الثورة فى العدالة والحرية والمساواة، فإن دور البرلمان أن يحول الأهداف إلى تشريعات اجتماعية واقتصادية وضريبية، وحدود كبرى وصغرى للرواتب والأجور، وأفضل الطرق التى توصل الدعم لمستحقيه، وليس لسارقيه. ونفس الأمر فى قضايا التعليم والعلاج التى تحتاج إلى ترجمة إلى قوانين لتمويل التعليم والصحة والبحث العلمى، ومضاعفة ميزانياتها، وحتى الحديث عن هيكلة الشرطة ومؤسسات الدولة وتعيين كبار المسؤولين. والفصل بين السلطات.
لكن مانراه الآن غالبا لا يتجاوز ملاسنات واستعراضا، ويخلط بعض النواب بين موقعهم فى البرلمان وموقعهم كنشطاء، فالناشط يطرح وجهة نظر يدافع عنها فى الشارع، لكن النائب يسعى لتحويل وجهة النظر إلى تشريعات. ولا يكتفى بدور لاعب فى سيرك بحثا عن التصفيق.
وقد رأينا كيف ساهم البرلمان فى تعقيد قضية التظاهر حول الداخلية عندما وصفهم نائب بأنهم يتعاطون الترامادول، من دون تفرقة بين متظاهر سلمى وبلطجى، بينما رد آخرون بمهاجمة النائب، واعتصموا اعتراضا على رأى النائب. وفقد البرلمان دوره فى الحوار حول الأزمة وحلها بدلا من الخصام والاعتصام. والخلاف حول الأذان فى الجلسة. والرهان على أن ينتقل البرلمان من الاستعراض والخصام إلى التشريع.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة