دعنى أطرق باب الموضوع بسرعة، وأنقل لك مخاوفى من تلك المرحلة الضبابية التى تعيشها مصر الآن، والضباب المانع للرؤية التى تبعث على الاطمئنان هنا يكمن مصدره فى حنفية الشائعات التى فسدت ولم نجد لها «جلدة» أو «سباك شاطر» لكى يحفظنا من شرور تأثيرها، وما تصنعه من بلبلة، فأنت تسمع الآن الخبر وعكسه فى كل لحظة.. وتشاهد بعينك مبارك داخل القفص، وفى نفس الوقت يخبرك أحدهم بأن الأمر كله مشهد تمثيلى، وعلى نفس المنوال تأتى أخبار المجلس العسكرى، وجمعية وضع الدستور، ورغبات الإخوان الدفينة، وفلول النظام المخيفة.
شخص يكره تلك الثورة هو الذى أقنع الناس بأن كل شىء لابد أن يتم فى يوم وليلة، شخص يكره تلك الثورة هو الذى خلق الصراع على المادة الثانية من الدستور، وأقنع الناس بأن يخرجوا للمطالبة بالعلاوات وتغيير اسم محطة مبارك فى المترو، واسم ميدان التحرير، ورحيل النائب العام، والمشير طنطاوى، حتى تنجح الثورة، والاعتراض على قرار منع بث المحاكمات. شخص يكره تلك الثورة يريد إلهاء شعب مصر عن الجرى خلف المطلب الأهم والرئيسى، وهو بناء دستور قوى يضمن إقامة حياة سياسية سليمة تصلح نفسها بنفسها فيما بعد.
الضباب موجود أيضا لأن النخبة المصرية، ونخبة الثورة الشابة انشغلت بالظهور على الفضائيات، وإلقاء تحليلات سياسية ساذجة على مسامع البسطاء عن المرشحين المحتلمين للرئاسة، دون أن يدروا أنهم يشاركون فى ترسيخ فكرة البحث عن الفرد المنقذ فى أذهان الناس، أو عن الفرعون القادم للجلوس على عرش مصر. انظر إلى الحرب الدائرة على الساحة بعد تنحى الرئيس، وذلك الصراع المحموم على شخص الرئيس الجديد بين أنصار البرادعى وعمرو موسى وأيمن نور وصباحى، أو البحث عن اسم مرشح الإخوان الخفى، انظر إلى هؤلاء الذين يتحدثون إليك وهم مفزوعون من فكرة عدم ظهور شخص يستحق كرسى الرئاسة، وقيامهم بعمليات بحث متكررة عن أى اسم بين ركام الأبحاث الأكاديمية، أو المعارك السياسية لتنظيفه وتلميعه من أجل الانتخابات القادمة، انظر إليهم وهم يبحثون فى حيرة الكفار، وهم ينظرون فى السماء عن ذلك الإله الذى أخبرهم الأنبياء عنه.. انظر وتأمل وستشعر بالخوف!
للأسف سقط بعض رجال النخبة فى ذلك الفخ، وجروا خلفهم الآلاف من البسطاء الذين لم ترحمهم وسائل إعلام النظام السابق من زرع فكرة فرعون السلطة، وقدرته على قيادة السفينة إلى بر الأمان داخل عقولهم، سقطوا وبدلا من أن يعلموا الناس أن الدستور والقانون هو الكافل الحقيقى لمستقبل أبيض وأمان لهذا الوطن جعلوهم يتعاركون حول الأسماء، بحثا عن الفرعون الجديد القادم، وينظرون للسماء بدعوات تتمنى أن يكون فقط أفضل من سابقه.
لا تخشى يا سيدى كلام هؤلاء عن ضياع الثورة، وضرورة إيجاد البطل الأوحد لإنقاذها قبل فوات الأوان، فالثورة لا تضيع لأن الدماء التى سالت على الأرض لإشعالها لم تكن صلصلة طماطم أو «كاتشاب».. الثورة لا تضيع لأن الذين ذاقوا حلاوة تقرير المصير لا يمكن أن يتراجعوا، ولكن للأسف الثورة يمكن سرقتها.. خلّوا بالكم، وحافظوا عليها داخل نفوسكم أولا.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
علوة
مش فاهم حاجه ... ياريت توضح انت عاوز توصل لايه بدل اللف والدوران
عدد الردود 0
بواسطة:
عاطف موسى مصري بالسعودية
أي كلام
أي كلام
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب مصدر السلطات
وكما ذكرت الدستور هو الاساس - بالدستور يمكن حساب الرئيس والحكومه والبرلمان
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب مصدر السلطات
اما مرشحى الرئاسه فطبيعى احسنهم من يلتزم بالدستور نصا وروحا
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب مصدر السلطات
الدستور يقول ديمقراطيه والبرلمان معظمه خلافه والشعب منقسم والرئيس لابد يتبع الدستور
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب مصدر السلطات
لكل ما سبق اعتقد ابو الفتوح هو الرجل المناسب للمرحله القادمه لانه اسلامى متحرر
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
أ. د. هشام نبيه المهدي
حواديت قبل النوم على طريقة الأفلام مصرية
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب مصدر السلطات
نعم لابو الفتوح - لارساء الديمقراطيه وحقوق الانسان وكل ماهو خير لمصر وشعبها
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب مصدر السلطات
نعم لابو الفتوح - لتطهير واعادة هيكلة مؤسسات الدوله على اساس قانونى سليم وعادل
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب مصدر السلطات
نعم لابو الفتوح - للخروج من النفق المظلم وانقاذ البلاد والعباد من ظلم الاستبداد
بدون