فى الوقت الذى كانت فيه أطراف ليبية تعلن تأسيس إقليم برقة الفيدرالى فى معنى يقود إلى الانفصال، كان قيادى يمنى جنوبى يعلن ترحيبه بالدعم الإيرانى لإعادة ما سمَّاه «استقلال الجنوب اليمنى»، بعد أكثر من 15 عامًا من وحدة اليمن، وفى اليمن أيضًا تتحدث «القاعدة» عن إمارة إسلامية فى إحدى محافظاتها.
فى العراق تطل بين الحين والآخر دعوات الانفصال، أو فلنقل إن هناك تقسيمًا حقيقيّا تتزاوج فيه الجغرافيا بالنعرات الطائفية، وفى سوريا يبرر بشار الأسد دمويته، بأنه يواجه مخططات أجنبية لتقسيم سوريا إلى شيعة وسنة وعلويين وأكراد.
حديث الانفصال والتقسيم فى البلاد العربية لم يعد يتردد باستحياء، وإنما يمر عبر أبواق تتحدث عن حقوق الإنسان وحق تقرير المصير، ونهب الثروات، وكل الشعارات الأخرى التى تجدها أيضًا فى قاموس الثورات العربية.
المثير فى حديث التقسيم، ذلك الذى يأتى من دوائر تنفذ مخططات الغير بالوكالة، والشاهد ما ذكره القيادى اليمنى الجنوبى بترحيبه بالدعم الإيرانى لتقسيم اليمن، وهو اعتراف صريح بأن طهران ترى أن ازدهار مشروعها يتم بإضعاف أى مشروع عربى طامح للنهضة، ودرسها مع العراق دليل دامغ على ذلك، فقد تحولت إلى مشاريع للتقسيم تحتمى بنصوص دستورية لقيطة تمت صياغتها برعاية أمريكية، ولم تكن إيران بعيدة عن المستهدف.
فى ليبيا كان كلام مصطفى عبدالجليل رئيس المجلس الانتقالى واضحًا فى تعليقه على ما حدث فى برقة، حيث اتهم دولاً عربية بإذكاء الفتنة، وقال صراحة: «إن هذه الدول ترعى وتمول وتذكى هذه الفتنة التى نشأت فى الشرق».
اللاعبون على مسرح التقسيم واضحون، ورغم أن كلام عبدالجليل لم يفصح عن هذا «اللاعب العربى»، فإن شواهده واضحة ويستطيع أى متابع أن يعرفه دون جهد، أما «اللاعب الإيرانى» فيرمى بذرة تقسيم هنا، وبذرة لاستمرار الاستبداد هناك، والحاصل الذى يهمه هو إضعاف عربى مقيم.
بعد كل ذلك لماذا لا نأخذ على محمل الجد ما قيل عن استهداف تقسيم مصر وفقًا للخرائط التى تم ضبطها داخل المعهد الجمهورى الأمريكى أثناء المداهمات التى تمت فى قضية التمويل الخارجى لمنظمات المجتمع المدنى؟
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة