هناك تشابه واضح بين الانتخابات الرئاسية التى تدور فى مصر الآن، وبين تصفيات البطولات الأفريقية .. منتخبات وفرق كثيرة لا تجد بلدانها طعاما أو شرابا، ويحصل لاعبوها على الملابس الرياضية عبر المعونات أو التبرعات أو إكراميات بعض الدول التى تبحث عن دور داخل أفريقيا.. هذا فيما يخص البطولات الأفريقية، أما الانتخابات الرئاسية فقد مر اليوم الأول ونصف اليوم الثانى وكانت الحصيلة أكثر من 200 مرشح للرئاسة أغلبهم ينامون بدون عشاء، وفاشلون فى حل أزمة بطالة أبنائهم وأبناء عمومتهم، بل وأزمة بطالتهم هم شخصيا، وحينما تسألهم لماذا رشحتم أنفسكم يخبرونك بكل ثقة أنهم يملكون الحلول لأزمات مصر؟، رغم أنهم لا يملكون الحلول لمشاكلهم الشخصية وأولها أزمتهم النفسية التى دفعتهم لوضع أنفسهم فى هذا الموقف الحرج الذى يكتمل باعترافهم بأنهم غير قادرين على جمع الـ30 ألف توكيل من المواطنين، وعاجزين تماما عن جمع تأييد 30 نائبا برلمانيا.. إذن لماذا رشحوا أنفسهم من الأساس؟
أنا لا أسخر من أحد ياسيدى ولكن أن يجد شخص ما الجراءة فى نفسه أن يتقدم للترشح إلى منصب رئيس الجمهورية دون أن يضع دراسة جدول ودون أن يملك إجابة عن سؤال مهم هو: كيف سيجمع 30 ألف توكيل انتخابى أو تأييد 30 نائبا برلمانيا؟، فهو لا يستحق إلا الشفقة ومزيد من السخرية إن كنت تقدر على ذلك.. وفى أغلب الأحيان سيشكرك إن حددت له موعدا مع طبيب نفسانى.
هل تذكر تلك الأيام التى كنا نجلس فيها على المقاهى ونقوم بتحليل مباريات الدورى أو المنتخب، ويشكو المدربون الأجانب من أن التدريب فى بلد مثل مصر به 80 مليون مدير فنى مهنة شاقة ومتعبة ومبتذلة؟، نحن الآن وفى ظل إلغاء الدورى العام نعيش عصر الـ80 مليون رئيس، فهل يهرب المتعففون والشرفاء والمحترمون خوفا من حالة الابتذال والمسخرة الانتخابية التى نعيشها الآن؟!
طوابير المرشحين التى تقف أمام باب اللجنة العليا للانتخابات فيها من الوجع على حال مصر أكثر ما فيها من طرافة، فلا التاريخ ولا الحاضر ولا حتى السينما أخبرتنا فى يوم ما أن هناك انتخابات رئاسة حاول الترشح فيها كل هذا العدد الضخم من المواطنين، هذه الطوابير تكشف للأسف حالة من الاستهتار بهذا الوطن ومقدراته، وتفضح عشق الكثير من أبناء هذا الشعب لمعارك تضييع الوقت، أن يقرر فرد ما البحث عن ظهور تليفزيونى أو قضاء وقت فراغه فى معركة انتخابية يعلم مسبقا أنه لا يملك مقوماتها، أو حتى المعايير التى تسمح له بتمثيل مشرف أو نيل شرف المحاولة، فهذا يعنى أن علاقتنا بهذا البلد تعانى من خلل واضح، وأن الذات مازال لها عند البعض أولوية عن هذا الوطن الذى يعيش فى دوامة المرحلة الانتقالية بينما يعيش أهل ثروته وأهل أحزابه فى دوامة البحث عن الشهرة والمكاسب الشخصية.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة