بسبب هذا الزحام الفظيع من المرشحين المحتملين للرئاسة أصبحت أشعر بخجل وكسوف لأننى لست مرشحا للرئاسة حتى الآن، وأشعر مثل كل غير المرشحين أننا أقل من المرشحين، جيرانى والمشاة فى الشارع والناس فى القهوة لا يسألونك: هاتدى صوتك لمين بل السؤال: رشحت نفسك ولا لسه؟، فإذا كانت الإجابة بلا، سوف تسلخك نظرات الاستهجان، وتسمع مواطنا يعنف جاره: طيب هاتستنى لأمتى، لازم تتحرك قبل الوقت مايفوتك، ويبدو أن الترشح للرئاسة فيه سكر أو أن المرشح سوف يدخل سحبا على جوائز سيارة لكل مرشح محتمل، أو شقة أو عجلة إنتاج.
والأمر تجاوز التسلية إلى الكوميديا اللذيذة، ليس فقط لأن من بين المرشحين المحتملين حانوتى وتربى بجانب المدرس والمحامى والداعية، ومرشح الشبشب والموتوسيكل ومفجر أزمة البلكيمى ومفجر أزمة اللوحات، ولم يبق سوى الملثم مفجر خط الغاز لتكمل الدائرة مع المهدى المنتظر والمحتمل.. بعض المرشحين والمرشحات المحتملات لا يختلفون كثيرا عن المرشح المحتمل الذى قال إن الرسول عليه الصلاة والسلام زاره فى المنام وأمره بالترشح، أو زميله الذى، قال إنه حفيد الملك فاروق ووعد بإعادة الملكية لمصر بعد الانتهاء من إثبات نسبه للملك الراحل، ولا ملامة على المحتمل فهو لا يختلف كثيرا عن مرشحين ومرشحات يملأون الدنيا كلاما وليس لدى أيهم شىء غير الثرثرة، ويقال إن سكان عمارة قرروا الترشح لدرجة أن طفلا فى الثالثة عيط لأبيه طالبا منحه فرصة فوعده الأب ببحث رفع قضية دستورية لترشيح العيال للرئاسة.
ولم أشعر بالدهشة من كم المرشحين أو إعلان أحدهم أنه المهدى المنتظر المحتمل، بعد أن التقيت بمرشح معرفة، أشك فى قواه العقلية، ولما سألته عن أنه كان من محبى حمدين وأبو الفتوح قال أنه يحبهما وهما مرشحان جدعان لكنه يفضل للبلد شخصية «مثله» تستطيع إعادة العجلة، ولأننى أعلم أنه مختل بالوراثة، تركته لكنه لم يتركنى، وقال لى إنه يخشى على منافسيه من الصدمة ويفكر فى التنازل عن بعض الأصوات لهم لزوم الجدعنة، وأشار إلى جاره الأهبل الذى رشح نفسه، ولا يعرف الفرق بين الرئيس والعمدة، وقبل أن أنطق بدأ يشرح لى برنامجه، وفوجئت أنه لم يختلف كثيرا عن كثير من تحليلات الاستراتيجيين فى برامج التوك شو، وتأكدت أنه من ضحايا فساد التعليم والتوك شو، واسترجعت دراسة تشير إلى أن أثر التوك شو وغاز الأعصاب على إنتاج عاهات سياسية.
كان المرشح المحتمل الأهبل يتحدث بسمت وصورة خبير توك شو، يشير بيديه وقدميه وحواجبه ورموشه وكل أعضائه، تأملت الوضع وحاولت معرفة الفرق بين ترشيح النفس، والترشيح على النفس.