هناك أزمة الآن لدى وسائل الإعلام بأشكالها المتعددة بسبب حظر اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة برئاسة المستشار فاروق سلطان، رئيس المحكمة الدستورية، الدعاية الانتخابية لمرشحى الرئاسة، ومنع إجراء أى حوارات صحفية أو تليفزيونية مع المرشحين حتى قبل موعد إجراء الانتخابات بثلاثة أسابيع فقط، وبعد إغلاق باب الترشح فى 8 أبريل المقبل.
ووفقا لقانون اللجنة، فإن مخالفة حظر الدعاية والحملات الانتخابية عقوبتها جنائية للمرشح ولوسيلة الإعلام أيضا، وحسب المادة 28 من الإعلان الدستورى فإنه لا يجوز الطعن على قوانين ولا قرارات اللجنة بحجة تحصينها وتحصين منصب الرئاسة من الطعون، وتغيير المادة يتطلب تعديلا فى الإعلان الدستورى. وللأسف لم تنتبه كل القوى السياسية لهذه المادة المثيرة للجدل والشك منذ البداية للمطالبة بتعديلها، فتحصين منصب الرئاسة مهم وضرورى، مع تحديد فترة زمنية محددة للطعن على الانتخابات، والرد عليها قبل تنصيب الرئيس، لكن تحصين اللجنة بأعضائها وبقراراتها هو الأمر غير المنطقى فى أول انتخابات رئاسية تعددية بعد ثورة قامت من أجل التغيير والإصلاح الشامل فى منظومة القوانين والتشريعات التى حكم بها النظام السابق.
لكن الشاهد أننا نعيش حالة ثورية تحكمها ذات القوانين القديمة التى تم استدعاؤها من ترسانة قوانين الفساد والتوريث قبل 25 يناير، فالقوانين والقرارات التى تجرى على أساسها انتخابات الرئاسة المقبلة لم تتغير، وهى ذات القوانين التى كان من المقرر أن تجرى بها انتخابات سيناريو توريث الحكم لجمال مبارك، بحيث لا يمنح المرشح الجرىء المنافس لمبارك الابن الوقت الكافى للدعاية وللحملات الانتخابية، لأن فترة الأسابيع الثلاثة لا تكفى حتى لمرشح فى انتخابات مجلس محلى فى محافظة صغيرة، بحيث يستطيع الناخبون التعرف على أفكاره وبرنامجه وعلى شخصه أيضا، فما بالنا والانتخابات المقبلة هى لانتخاب رئيس دولة مصر، وهو ما يثير الشكوك حول دعم مرشح بعينه ترضى عنه إدارة الدولة أو القوى السياسية صاحبة المصلحة.
قوانين النظام السابق لا يمكن أن تتحكم فى أداء الإعلام لدوره الحقيقى ووظيفته الأصيلة فى تعريف المصريين بشخص وفكر وبرنامج رئيسهم القادم إلى قصر الرئاسة، وأظن أن اللجنة لن تستطيع تطبيق العقاب الجماعى على وسائل الإعلام إذا قررت مخالفة قرار اللجنة، وأداء رسالتها الإعلامية.