واضح أننا سوف نقضى وقتا طويلا مشغولين بالتفرقة بين نائب الحمار، ونائب المناخير والنائب المزنوق، والنائب المعتصم والنائب الجاعورة. وربما لا يجب أن ننشغل أو ينشغل نواب «التوك توك» بالدستور واللجنة التأسيسية أو مستقبل البلاد والعباد. أو يضيعوا وقتهم الثمين فى بحث الانفلات الأمنى، أو يقدموا اقتراحا لمواجهة العشوائيات والفقر والدعم والتعليم، وهى أمور تعتبر فرعية وهامشية بالنسبة للاهتمامات العميقة التى يشغل بها نواب «الصوت والصورة» أنفسهم بها وهم يبحثون عن بطولة تليفزيونية وتصفيق جمهور الترسو.
مانزال نتفرج على السادة النواب النشطاء المناضلين اليساريين والليبراليين الذين تركوا الحمار والبردعة وتفرغوا للكاميرا الخفية والعلنية وخوض المعارك حول الماضى بينما يواصلون شعورهم باليأس وقلة القيمة ويفضلون ممارسة المعارضة بالتنكيت والتبكيت على جماعة الإخوان ذات الأغلبية أو جماعة السلفيين ذات الأغلبية برضه. بينما نواب الدمقرطة والثورة يكتفون بما تيسر من تويتر وفيس بوك «ماشافوهمش وهم بيشرعوا أو يعارضوا شافوهم وهما بيتوتوا»، يسخرون من الأغلبية افتراضيا ويعجزون عن المواجهة داخل البرلمان، وإذا كان البعض يسخر من مرشحى رئاسة مغامرين أو متنطعين فإننا أمام نواب تم انتخابهم بأصوات «متعوب فيها» رهانا على أنهم سيحملون أهداف الثورة فى الكرامة والعدل والدفاع عن الفقراء فإذا بالسادة نواب الغبرة وقد تحولوا إلى ممثلين يفضلون تصفيق الجمهور، والحقيقة أن هناك استثناءات، تذكر فنائب مثل مصطفى النجار يعتبر استثناء لأنه يحاول القيام بدور فى التحرك بدائرته وتفعيل دور التطوع والعمل العام وهو استثناء على قاعدة نواب الاستقالات والجعجعة.
أغلب هؤلاء النواب لم يصلوا لمستوى الأداء، ومازالوا طوال ما يقرب من الشهر مشغولين بالحقيقة والمجاز فى مثل «الحمار والبردعة للنائب زياد العليمى»، وخلاف أعضاء مجمع اللغة العربية حول الحقيقة والمجاز وسوف ننشغل بحمار النائب وبردعته ومجمعه اللغوى، ومحاولة التفرقة بين ما إذا كان النائب حاصلا على مضاد حيوى تشريعى أم أنه يعانى من تلبك فى القولون دفعه للخبطة.
ولم يستغرق أنف البلكيمى مثلما أخذ حمار العليمى، البلكيمى اعترف بخطئه وتعامل معه حزبه بحسم ومازلنا مع حمار النائب، الذى اعتذر للشيخ حسان، ربما لأنه يعرف أن وراء الشيخ مريدين ورفض فعل هذا مع المشير، لأنه لن يقاضيه، ولو تحرك ضده ستكون بطولة مضاعفة. ويزداد التصفيق، ويقال له «أنت شجاع» اعتذرت للشيخ، ورفضت الاعتذار للمشير. وفى كل هذا نواصل الانشغال بالنائب وحماره واعتذاره. وننسى مشكلاتنا وتشريعاتنا ودستورنا. لأن هناك نوابا يمتلكون طريقة فى التفكير تجعلنا نعيش أجواء التسلط، وهو ليس فردا أو شخصا أو نظاما، بل هو طريقة تفكير وفيروس، تجعلنا نهتم بحمار العليمى وأنف البلكيمى أكثر مما نهتم بالفقر والأمن والجهل والمرض.. وهذا فى حد ذاته مرض يحتاج إلى ما هو أكثر من مضاد حيوى سياسى.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة