استقبل البابا شنودة الثالث بالمقر البابوى الأربعاء الماضى المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين محمد بديع، ونائبه محمود عزت، فى زيارة سريعة وخاطفة ومغلقة، خرج بعدها بديع وعزت بدون الحديث مع الصحفيين، فيما ذكر الموقع الرسمى للجماعة أن زيارة المرشد للبابا جاءت من أجل الاطمئنان على صحته، ودار فيها حديث ودى حول المودة التى تجمع المصريين جميعاً، مسلمين ومسيحيين.
تعد هذه الزيارة الأولى من نوعها منذ رسامة البابا فى 1971، وجاء سيناريو وإخراج الزيارة موفقًا من الطرفين، لسحب البساط من تحت أقدام المتشددين، حيث حاول أساقفة البلاط البابوى إبراز الزيارة على أنها مفاجئة وودية، ووصفها الأنبا يؤانس لصحف 9 مارس 2012 بأنها طيبة، وأضاف أنها جاءت فى حب مصر، والاطمئنان على صحة البابا، ولم ينس أن يؤكد أن المرشد اطمأن تليفونيّا أكثر من مرة سابقًا على البابا.
من جهة أخرى، فسر بعض القيادات الإخوانية هذه الزيارة على أنها تعكس رغبة البابا وقيادات الكنيسة فى المصالحة مع الإخوان، بعد أن تبدل الحال من نظام مبارك لنظام بديع. والحقيقة أن كلا الفريقين الدينيين فى احتياج لبعضهما البعض، خاصة أن الإكليروس الكنسى المتنفذ اعتمد منذ عودة البابا من منفاه الاضطرارى فى يناير 1985 سياسة الاستقواء بالنظام، مقابل أن يترك النظام حكم الكنيسة للبابا ومساعديه، وأراد البابا- شفاه الله وأطال عمره- أن يترك تقليدًا سياسيّا للكنيسة، وهو أنه لا يوجد خصام أبدى فى السياسة، خاصة أن مبادئ المسيحية السياسية تحض على المصالحة، خاصة إذا ارتبطت المصالحة بالمصلحة!
على الجانب الآخر، فإن الجماعة قد بدأ حظها يتخلى عنها، ففى انتخابات الشورى انخفض حماس المصوتين لها، كما حملت نتائج انتخابات النقابات الفرعية للمحامين تراجعاً يرقى إلى التدهور، وأخفقت قيادات إخوانية بارزة، مثل عضو لجنة الإعلان الدستورى، ووكيل اللجنة التشريعية صبحى صالح، المحامى، الأمر الذى دعا محامى جماعة الإخوان المسلمين عبدالمنعم عبدالمقصود إلى أن يعلق على ذلك فى «الشروق» 2012/3/8: «خلال الجولات الانتخابية لمرشحى الجماعة بالنقابات الفرعية كان الناخبون يقولون لهم أخذتم الأغلبية فى الشعب والشورى والنقابة العامة مش كفاية كده عليكم»!
دفع هذا المناخ المرشد والبابا إلى التطبيع السياسى تحت غطاء اجتماعى، لكى يستقوى كل منهما بالآخر فى المعارك القادمة، خاصة معركة الرئاسة التى يبدو جليّا أن البابا والمرشد سوف يستغلان روحانيتهما بالدعاء لمرشح واحد، كما أن كليهما يرسل بهذه الزيارة برقية سياسية للأشقاء السلفيين، ونداء لسيادة المشير بالانضمام للمثلث بزيارة خاطفة، وفى الوقت الذى زحفت قيادات كنائس أخرى وزعامات سياسية نحو مقر الإخوان، نجد المرشد ونائبه يتجهان نحو المقر البابوى، ومن ثم أكدت هذه القمة الروحية الدور السياسى للقيادات الدينية، ولا عزاء للدولة المدنية.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة