هذا الرجل يستحق منا قدرا كبيرا من الاحترام والإعجاب، ليس لأنه فقط أدى مهمته لأكثر من 10 مرات متتالية باقتدار ومهارة بالغين، ولكن لأنه أيضا رسم دون أن يقصد، لكل ما يجرى الآن على الساحة المصرية، فهذا الملثم الذى قام بتفجير خط الغاز المؤدى لإسرائيل كل هذه المرات دون أن يمسك به أحد، من حقه أن يترشح لرئاسة الجمهورية ويكون المرشح المفاجئ للإخوان أو المجهول للقوى الثورية، أو من حقه أن يمثل حزب النور فى وقت يلقى فيه بكار بكل من يعبرون عن الحزب فى البحر، أو أن يكون قدوة للكثير من الشباب والفتيات الذين يشعرون بالضياع فى مناخ أوضح ما فيه أنه غامض. يستحق أيضا أن يترأس الجمعية التأسيسية للدستور ويطرح أفكاره دون ذكر اسمه.
تستطيع وأنت مرتاح الضمير أن تجيب عن التساؤل الصعب «مصر رايحة على فين؟» بشكل قاطع: اسألوا الملثم، فهو الرمز لمساحات الغموض التى نعيشها، فمنذ بداية الثورة وحتى الآن لم نعرف من الذى قتل الثوار، ورغم ذلك قام الملثم بأول تفجير للخط بتنظيم دقيق، واختلفنا على الاستفتاء فى قضية الدستور أولا أم الرئيس، وقام الملثم بتفجير الخط بنفس الطريقة، ولم نختر رئيسا أو نضع دستورا، واشتعلت الأحداث فى محمد محمود وماسبيرو وسوهاج وقنا ودمياط، والملثم يقوم بدوره على أكمل وجه مثلما فعل أول مرة، ثم احتفلنا بذكرى الثورة وأحرقنا المجمع العلمى، وشوهنا سمعة الطرف الثالث دون أن نعرفه، ومازال الملثم معنا، وسقط شهداء فى بورسعيد، وتسابق الفلول للدعاية الرئاسية، واعتقلنا الأمريكان فى قضية التمويل ثم هربناهم، ولم يتعب الملثم مما يفعله، إذن أيهم أكثر التزاما: الذين يتمسحون فى الثورة، أم هذا الذى يعرف خطوته القادمة وما سيفعله بعد المرحلة الانتقالية، ولم ينتظر برلمانا ولا رئيسا ليمنحه العدل؟
قد نختلف على قانونية ما يفعله الملثم، والعواقب التى قد يجنيها وراء ذلك، لكننى على يقين بأن نسبة كبيرة من الناس لا تخفى إعجابها من الإصرار الذى ينفذ به عملياته – وهذا ليس تحريضا يفضى إلى محاكمة عسكرية - فهو على كل حال أفضل من الثوار الذين تركوا الميدان وهرولوا نحو الفضائيات، أوهؤلاء الذين أدمنوا رائحة الغاز مع كل حجر يلقونه على وزارة الداخلية، وأكثر ثقة من نواب الشعب الأشاوس الذين يستأسدون على الحكومة أمام الكاميرات ثم يتمسحون بها وبالمجلس العسكرى خلف الكواليس، ربما هو أفضل منى ومنك فى أنه أكثر إيمانا نحو ما يقوم به.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة