مع صباح يوم أمس الثلاثاء قرأت تقريرا على موقع «اليوم السابع» يفيد بأن السياحة وصلت إلى أدنى معدلاتها، وأن استثماراتها دخلت فى مرحلة الخطر، تذكرت ادعاءات البعض التى تقول إن المليونيات هى التى تتسبب فى انتكاسة السياحة، وإن المظاهرات هى التى ترهب السائحين و«تطفشهم» لكنى حينما نظرت إلى جميع الجرائد لم أجد أى إشارة إلى دعوة لمليونية، كما أن ميدان التحرير يكاد يكون خاليا، منذ ما يقرب من شهر، وهنا يطرح السؤال نفسه، من المتسبب فى تدهور قطاع السياحة؟
الخبراء يقولون إن تدهور السياحة بسبب الانفلات الأمنى وقطع الطرق وحوادث خطف السائحين والتحرش بالسائحات تحت سمع وبصر قوات الأمن، وبسبب التصريحات غير المسؤولة التى لا تحترم الحضارة الفرعونية وتحتقر تماثيل الفراعنة، وبسبب العداء الواضح للثقافات المتسامحة، والتشكك فى كل أجنبى يمشى فى شوارع القاهرة، إذن التدهور واقع والفاعل معلوم، لكن برلماننا ترك كل هذه القضايا الملحة وفرغ لجنته التشريعية لتعد مشروعا لتنظيم المظاهرات، وليس الخلاف هنا على تنظيم المظاهرات من عدمها، ولكن الخلاف على الأولويات، فأين مشروع إعادة هيكلة الداخلية وأين مشروعات القوانين التى تحقق العدالة الاجتماعية، والأهم من كل ذلك، أين موقف المجلس من الملايين التى تم تهريبها من مصر والتى ضبطت مؤخرا فى مطار لندن.
لا يهتم مجلس شعبنا المختار بهذه القضايا لأنها لا تساعده فى التمكين لنفسه، فقط يهتم بكبح جماح المظاهرات، أما تلك القوانين التى تعيد الحقوق لأصحابها فلا ينشغل بها، وخذ عندك مثالا واحدا على تقاعس البرلمان عن الانتصار لحقوق الشعب فى إعادة توزيع الثروة، فمجلسنا المهاب تواطأ مع المجلس العسكرى وسمح بتمرير قانون التصالح مع رجال الأعمال الفاسدين، كما تغاضى عن إعادة مناقشة هذا القانون الفاسد الذى أقره المجلس العسكرى بسرية تامة قبل انعقاد البرلمان بأيام قليلة، ليفاجأ الجميع بأنهم أمام أمر واقع، وكنت أحسب أن هذا القانون سيكون على رأس القوانين المعاد النظر فيها، لكن ليس أمامى الآن إلا اتهام نفسى بالسذاجة المفرطة، بعد أن ترك المجلس كل القوانين التى تنتصر للشعب، وتفرغ للقوانين التى تنتصر للسلطة، حتى وإن أعد مشروعا لتعديل قانون جائر مثل قانون منع الممارسات الاحتكارية، أجرى عليه تعديلات باهتة ترسخ للاحتكار ولا تمنعه.
لم يخلف سيادة المستشار محمود الخضيرى ظنى حينما كتبت فى السابع من يناير الماضى قبل انعقاد مجلس الشعب واختيار رؤساء اللجان، وقلت إن الخضيرى سيصبح ترزى القوانين الجديد، وها هو يفصل قوانينه ويعرضها فى سوق المجلس العسكرى والبرلمان، تماما كما لم يخلف المجلس العسكرى ظنى حينما كتبت فى الرابع من نوفمبر الماضى وقلت إن المجلس سيسارع بإصدار العديد من القوانين السرية لحماية مصالحه ورجاله قبل انعقاد البرلمان لكن الجديد فى الأمر هو أن يتحد البرلمان مع المجلس فى نفس الغايات والوسائل كما لو كانوا ينتقمون من الشعب، هل تريد أن تعرف السبب؟ نكمل غدا.