العدد فى الليمون.. هكذا يقول المثل الشعبى المصرى عندما يتجاوز عدد شىء معين عن الحد المطلوب وبلا فائدة أو جدوى من زيادته، وهو ما ينطبق على العدد الذى وصل إليه المرشحون المتقدمون للمنافسة على منصب رئيس الجمهورية، فالعدد تجاوز حتى الآن حوالى 650 شخصا سحبوا استمارات الترشح، والمتوقع أن يتجاوز الضعف حتى إغلاق باب الترشح فى 8 أبريل المقبل، بما يعنى أن مصر بوسعها أن تدخل موسوعة جينيس العالمية للأرقام فى عدد المرشحين للرئاسة، وأعتقد أنه سيمر وقت طويل جدا حتى يتم كسر هذا العدد من دولة أخرى، أو ربما لن يحدث أبدا فى الألفية الحالية.
الانفلات الرئاسى وهوس الإقبال على الترشح لمنصب الرئيس يشبه الانفلات الذى يحدث فى كل بقعة فى مصر، سواء انفلات أمنى أو إعلامى أو مجتمعى، فالرئاسة أصبحت مطمعا لكل أفراد المجتمع بتنوعهم الفئوى والمهنى، ومن حق التربى والحلوانى والكهربائى والسمكرى ومتعاطى البانجو وصاحب الجلابية والشبشب أن يتقدم للترشح طالما أن الدستور والقانون والقواعد المنظمة للترشح والانتخابات لا تمنع ذلك، بل تشجع كل أفراد الشعب المصرى على الترشح حتى لو لم نجد يوم التصويت ناخبا واحدا لانتخاب رئيس الجمهورية، فالخوف أن يأتى موعد إغلاق باب الترشح وتبدأ رحلة البحث عن الناخبين.
ماسورة الرئاسة التى انفجرت تحولت إلى مثار للتندر والسخرية لدى البعض ومثار للغضب والاستنكار لدى البعض الآخر، وربطها البعض بظاهرة «الاحتباس» الرئاسى فى مصر بعد أكثر من نصف قرن من استحواذ شخص واحد على المنصب ولا يتركه إلا بالموت أو بالاغتيال أو بالخلع.
الظاهرة بالتأكيد تحتاج إلى دراسة وتحليل لأن الأمر يتعلق بمنصب رئيس دولة مصر ولا يمكن أن يتحول المنصب إلى مطمع لهواة الشهرة والمهرجين والعشوائيين لأنه يدخل فى باب الإهانة للمنصب، واللجنة الرئاسية التى حصنت نفسها من الطعون كان من الواجب عليها وضع ضوابط وشروط واضحة تحمى منصب الرئيس وتضمن جدية من يتقدم للترشح له، فالناس فى الشارع ترى ما يحدث الآن «مسخرة» و«تهريجا» قد يكون وراءه سيناريو محدد لتمرير مرشح معين من أرباب المعاشات فى النظام السابق!!