صباح الخميس الماضى كانت المذيعة تستطلع رأى المواطنين فى الإذاعة المصرية حول «هل نتصالح مع رموز النظام السابق ونأخذ الفلوس من أجل الاستقرار الاقتصادى، أم إيه رأى حضرتك؟»، وكانت إجابات السادة المستمعين الصباحيين المألوفة متشابهة، وتؤكد على أن فائدة الحصول على الفلوس أكبر، وهى وجهة نظر يسعى أولياء أمور الشعب إلى إقناع الناس بها تدريجيا فى الأيام الأخيرة، حتى لو أعلن بعضهم غير ذلك، ورحب بها وزير المالية وأعادت اللون الأخضر للبورصة، رغم علمنا جميعا أن القانون لا يجيز التصالح فى جرائم الفساد المالى والاستيلاء على المال العام، هو يسمح فقط بالتصالح مع المتعثرين فى السداد للبنوك أو الضرائب أو الجمارك، والحالات التى تقدم محاموها بطلبات للنائب العام والمحامى العام لنيابات الأموال العامة، بسداد الأموال «بعض الأموال»، مقابل الإفراج عنهم وإسقاط التهم، من الصعب تقبل التصالح معهم، ليس لأننا لا نريد الأموال التى نهبوها، ولكن لأن احترام القانون ضرورة وأحد أهم مطالب الثورة، ولو تم تنفيذه فستعود الأموال عاجلا أو آجلا، أحمد عز عرض 3 مليارات جنيه من ثروة تقدر بأربعين مليارا، وأيضا توجد عروض من حسين سالم والمغربى وجرانة تأتى بـ1.5 مليار، كما توجد «شوية فكة» من غبور وعهدى فضلى وعمر الفطيم وغيرهم، وأبوالعينين عرض إعادة أرض الساحل الشمالى ومرسى علم.. التفاوض يتم فى السر منذ عدة شهور، ووزير العدل السابق طلب دراسة تشريع جديد تعده وزارة العدل يسمح بالمصالحة، وتوقف لأسباب غير مفهومة، كما نشرت «المصرى اليوم»، وفجأة ظهرت أصوات فى كل مكان تنادى بتغليب المصلحة العامة.. القانونيون منهم يطالبون بتعديل المواد من 112 إلى 119 من قانون العقوبات، وهى المواد التى تحدد العقوبة المقررة على المتهمين فى قضايا الاختلاس والاستيلاء على المال العام والتربح، هم يريدون تغيير القانون ليخرج الخارجون على القانون، ويحدثونك عن المصلحة العامة؟ التى يعرف الجميع أنها لن تتحقق إلا بتنفيذ القانون ومعاقبة المخطئ، والتأكيد على وجود دولة لا تدار بمنطق القبيلة، لا فرق بين ما يفكر فيه أولياء أمور الشعب فى التعامل مع أناس محبوسين لأنهم جرفوا البلد ماديا ومعنويا وروحيا، وبين تعاملهم فى معالجة الجلطات الطائفية ودفع الدية، هم يؤسسون نظاما مستقبليا لا مثيل له، يقول للناس اسرقوا كما شئتم واستغلوا مناصبكم لتحقيق مكاسب وزيفوا إرادة الناخبين واحتكروا الصناعات الثقيلة وإذا تم الإمساك بكم، «ادفعوا قرشين» وبالقانون، ويقول للأغنياء اقتلوا وادفعوا للضحية، القبول بالتصالح يعنى أن الثورة فشلت وأنه تمت خيانة دم الشهداء، ويعنى أن أولياء أمر الشعب «المجلس والوزارة والبرلمان والاستشارى» لم يتعلموا الدرس من الشعب الذى ثار، الشعب الذى يعيش أزهى أيامه الرئاسية، وينتظر رئيسا يعبر عن نظام ديكتاتورى سيتم انتخابه بشفافية مفرطة، ينتظر رئيسا اختاره أولياء الأمور ليصوت له الشعب، رئيس لا تعرف ما هى وظيفته بالضبط، هل هو «ميدفيديف» الروسى، أم محمد نجيب المصرى؟ هل هو منصور حسن الذى باركته شركات الأدوية الوفدية وتجارة الأثاث التركى والخلطة السحرية التى تتحدث عن المصلحة العامة والتوافق والأصالة والمعاصرة؟ هل أطاح المصريون بمبارك ورجاله لصالح رجال السادات؟ عمرو موسى وأحمد شفيق سينافسون بشدة فى المعركة نفسها، ويتسقون مع قناعات مجلس الآباء، وربما نافس أبوإسماعيل أيضا، ولكن الذى سيفوز فاز بالفعل لأنهم اتفقوا عليه و«علينا»، أما الأنقياء الذين يشبهون الناس ويعبرون عن ثورتهم ولا يملكون الثروة ولن يفرطوا فى حق الشهداء ولن يتسامحوا مع جرائم نزلاء طرة، المرشحون الأقرب إلى القلب عبدالمنعم أبوالفتوح وأبوالعز الحريرى وخالد على.. معهم الله.