لم ننته من زحام المرشحين للرئاسة من كل المقاسات والأحجام، حتى وجدنا أنفسنا أمام سياسيين وائتلافيين يخترعون كل يوم أنواعا من مجالس قيادة الثورة والبرلمانات الموازية.. وأصبح انتاجنا من الائتلافات ومجالس القيادة والبرلمانات الموازية والائتلافات المتعامدة، أكثر من انتاجنا من التوك شو. ضمن حالة من الزعامة، تتلبس كل من نشاهدهم، وكل من يرى نفسه رئيسا أو زعيما أو قائدا، ولا أحد يرضى بدور المواطن، أو واحد من مجموع.
تحول الترشح للرئاسة إلى «سلس».. ليس لأن فئات مختلفة أو مواطنين عاديين يمارسون حقهم فى الترشح، لكن فى التعامل مع الترشح، بشكل يصل إلى حد الاستهبال، بحثا عن أكثر طرق جذب الكاميرا ورأينا مرشح الشبشب أو الحانوتى أو المواطن الفلاح، ممن يريدون لفت الأنظار إليهم وإلى قضاياهم. وبعض هؤلاء البسطاء، يمكن أن نلتمس لهم العذر، وهم يريدون الفوز ببعض الأضواء التى يستمتع بها زعماء المشهد الثورى، ونشطاء الزمن السياسى.
وقد رأينا خلال الأسابيع الماضية إعلانا عن كيانات بعضها يحمل اسم مجلس قيادة الثورة، كل منها يعلن أنه يسعى للدفاع عن الثورة وحمايتها، من قبل أعلن بعض نواب الأقلية فى البرلمان، تشكيل ماسموه مجلسا يجمع الحركات والائتلافات التى تتبنى مطالب الثورة، ومؤخرا أعلن بعض النشطاء عن مجلس آخر لقيادة الثورة، بما يعنى أنه لدينا ثورة واحدة وعشرات القيادات المتوازية، والمتقاطعة، والمربعة، لا تراكم جهدها، وبعضها يصبح مجرد مكان للتصوير، وإطلاق التصريحات، وإهدار للوقت والجهد.
البرلمان الموازى كان فكرة قبل الثورة، اعتراضا على التزوير الفج من قبل النظام، لكن رأينا اليوم برلمانا موازيا يضم عددا لابأس به من الزعامات، يتحدثون عن أنهم ليسوا بديلا للبرلمان، ولا هم معاونون له، ولكنهم يعملون من أجل التأكيد على مطالب الثورة، ومن الصعب التفرقة بين برلمان موازٍ، ومجلس قيادة ثورة، ومجلس ائتلاف.
وهذه المؤتمرات والجلسات تضم تقريبا نفس الوجوه التى تشارك فى كل الفعاليات، وتقول نفس الكلمات، كل منهم يرى نفسه زعيما أو قائدا، ولايسمح لغيره بقيادته، الأمر الذى ينتهى عادة إلى إنتاج نفس التجارب بعيوبها.. التفكك والتنافس والتنافر والتطاحن.
لقد كان تعدد الزعامات وراء إفقاد الائتلافات معناها، وكان يمكن أن تكون خطوات مهمة، تبحث عن تشكيل جماعات ضغط أو مراكمة الجهود فى اتجاه واحد، لكن الواقع أن الكاميرات والتصريحات والخطب السياسية، تبدو بلا هدف غير البقاء أمام الكاميرات، والاستمرار فى الكلام والأصوات المختلفة دون أن نرى ناتجا من أى نوع.
وفى الغالب فإن هذه التنظيمات، تنتهى قبل أن تبدأ، أو بعدها، ويظهر غيرها، ومن المثير أنهم يلومون السلطة المنتخبة والحاكمة على الانفراد، ولا يلومون أنفسهم على أعراض التسلط التى تتلبسهم.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة