ضمن حالة السيولة القانونية التى نعيشها أصبح من الطبيعى أن نرى خبراً يفيد بأن مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين فى حالة انعقاد لبحث المعوقات الحائلة دون تسليم السلطة، وهو الخبر المنشور فى «اليوم السابع» صباح أمس، وظننت حينما رأيت عنوان الخبر أن الإخوان بحكم وجودهم بالقرب من صنع القرار لاحظوا أن المجلس العسكرى لا يريد تسليم السلطة وإجراء انتخابات رئاسية طبقا لما اتفقوا عليه وفقاً للإعلان الدستورى، لكنى حينما قرأت الخبر فهمت أن المقصود بتسليم السلطة هو تسليم الحكومة وليس تسليم السلطة.
انتبه مجلس شورى الجماعة إلى أهمية أن يمسك الدولة «الآن» بكل مخالبه، وهو ما يعد مخالفة لما اتفق عليه الإخوان مع العسكر، ومخالفة أيضاً لما تعهد به محمد مرسى رئيس حزب الحرية والعدالة التابع لجماعة الإخوان مع كمال الجنزورى رئيس الحكومة قبيل إجراء انتخابات مجلس الشعب، ومخالفة أيضاً لدعاوى الرغبة فى الاستقرار التى أطلقها الإخوان وأقنع بها الشعب، وبناء على ذلك انتخبهم، لنا أن تسأل: ماذا يعنى مجلس شورى الإخوان الآن، ليبحث مصير مصر ويهدد ويتوعد ويقرر؟ وما هو الشكل القانونى الذى يقع هذا المجلس تحت طائلته؟
للأسف، لا يوجد شكل قانونى لهذا المجلس الذى يرسم للإخوان سياستهم ويحدد اختياراتهم ويختار معاركهم وتحالفاتهم، متفقا مع مكتب الإرشاد الذى يملى أوامر «شورى الجماعة على حزب الحرية والعدالة، ليمليه هو الآخر على أعضائه بالبرلمان الذين يشكلون أكبر كتلة فيه، ليمليه أعضاء البرلمان على الشعب، وبرغم أن الشعب لم ينتخب شورى الإخوان ولا يعرفهم، لكنه فى النهاية يمتثل لأوامرهم، وفى هذا السياق لنا أن نسأل أيضاً: ما هى صفة رجل الأعمال الإخوانى حسن مالك ليخطط لحركة الاقتصاد المصرى ويديره ويتزعمه، وكيف يقيم الإخوان الدنيا ويقعدونها من أجل تطبيق القانون، وهم فى كل لحظة ينتهكونه، ويدهسونه تحت أقدامهم؟
الخطورة الحقيقية فى حالة السيولة القانونية التى يقودها مجلس شورى الإخوان هى أنه يدير مصر على طريقة «الغرف المظلمة» وبعقلية «التنظيم السرى» فليس لهذا المجلس صفة قانونية، فلا هم أعضاء فى الحزب ولا فى البرلمان، فبأى حق يحكمون مصر ويديرون شؤون البلاد؟ والأخطر هو أن هذا المجلس بتحكمه فى الحياة السياسية المصرية أصبح سلطة مطلقة هلامية على السلطة المنتخبة والتنفيذية والتشريعية والرقابية، وهو ما يجعل ولاء نواب الشعب مصوبا نحو «شورى الإخوان» وليس للشعب، بما يعنى أننا وضعنا أمورنا فى يد مجلس أشبه بمجلس «آلهة الأولمب» يديرون كل شىء، بعيدا عن الأنظار والمحاسبة والمراجعة والنقد، ولهذا فمن الطبيعى أن يتصرف نواب الشعب باحتقار مع من انتخبوهم، وأن ينهر نائب مثل جمال عشرى أبناء دائرته قائلاً لهم: «ماتنتخبونيش تانى» فهو يعرف أنه لا قيمة للناس ولا لرضائهم عنه، مادام يتمتع برضا «آلهة الأولمب».