حنان شومان

الشيخان والمثقفان على لحم يحترق

الإثنين، 19 مارس 2012 04:01 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كنت فيما مضى قبل الثورة أظن أن عشوائية شوارعنا والتى انطبعت على أخلاقنا وكل أمور حياتنا، بلغت مبلغاً لا يمكن أن تزيد عنه لأنها قد بلغت من الكبر والحجم عتياً، ولكن يبدو أنى كنت مخطئة.

كنت فى السابق أيضاً أظن أن أقسى وأكثر الخلافات ألماً فى عالم النخبة هى خلافات الصحفيين التى كانت الجرائد تستقبلها ولم يكن للقارئ دافع ثمن الجريدة ناقة فيها ولا جمل ولا فائدة يجنيها من ورائها، فكثير من كبار الصحفيين للأسف كانوا يختلفون حول أمور شخصية بحتة ولكنهم يحولونها إلى قضايا عامة يتنابذون بها على صفحات الجرائد، ولكن يبدو أنى كنت مخطئة أيضاً، فما أن انتهت أيام الثورة الأولى إلا وأغلب فئات الشعب وطبقاته قد مسكت فى تلابيب بعضها البعض.

ولكن ليس هناك أقصى من خلاف شيخين جليلين يمثلان أقطاب الدين، ومثقفين كل منهما من المفترض أنه يمثل قطبا فى الإبداع، وأقسى ما فى تنابذهما أنه ليس تنابذا أو تناطحا من أجل فكرة تقدم، لكنه عراك شخصى يصل إلى حد تبادل العبارات الجارحة.

أما الشيخان فهما الشيخ يوسف القرضاوى وشيخ الأزهر د.أحمد الطيب اللذان تزاملا وبدا بعد الثورة أنهما يسعيان معاً من أجل عودة ازدهار المؤسسة الدينية الأكبر فى العالم الإسلامى.

ولكن أيام العسل انتهت سريعاً وبدأت المعارك بنقد سياسى ودعوى وشخصى من القرضاوى، ليرد عليه شيخ الأزهر بنقد مماثل مثل حين قال الأول عن الثانى: إنه كان صنيعة أمن الدولة فرد عليه قائلاً: إنه يعمل لقطر ولا حق له فى ركوب الثورة، فيرد الأول بأن شيخ الأزهر كان يعمل فى يوم ما تحت إدارته فى قطر.

وهكذا دخل الشيخان فى سجال شخصى لا ناقة لنا، كمسلمين أو عرب أو مصريين، فيه ولا جمل، متناسين أن فى مثل هذه الأوقات من عمر الأمم يحتاج العامة إلى حكمائهم، وإن لم يجدوها بينهم فلا خير يرجى من مثل تلك الأمم، فهل هذا ما يرضاه لنا مثلهم؟
أما المثقفان فهما وزير الثقافة د.شاكر عبدالحميد ورئيس أكاديمية الفنون ود.سامح مهران اللذان تزاملا أيضاً فى إدارة المكان الذى يتخرج فيه فنانو مصر، ثم تحولت الحرب بينهما والاتهامات إلى بلاغات بإهدار المال العام واستقطاب لرجالات وزارة وقطاع مترهل فى مصر.

وكل حقيقة الخلاف ليس الخوف على مصر ولا غيره، الأمر كله شخصى حولاه الاثنان معاً إلى معركة بكل الأسلحة، بدلا من أن يوجها تلك الأسلحة للجهل وضحالة التذوق.

لك الله يا مصر فى نخبتك فهم يتعاركون على لحم يحترق ولا يدركون أن النار ستمسك بهم لا محالة.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة