من يتأمل أحوال الانتخابات الرئاسية المصرية يشعر أن هذا المنصب الرفيع يتعرض للابتذال والمهانة.. ويتحول من التقديس المخل إلى الابتذال المذل، يبدو أن قدر مصر العجيب أن يكون حكامها أحد اثنين: إما فرعون يستعبد شعبه ويسومهم سوء العذاب ويتسلط عليهم.. أو يكون ضعيفاً مهيض الجناح منزوع الصلاحيات يتسول صلاحياته من هذا الحزب أو ذاك.. أو من هذه الجماعة أو تلك.. وكل من الخيارين أسوأ من الآخر.
فمتى يكون لمصر حاكم قوى عادل صالح يحقق ما ذكره القرآن من شروط الولاية «إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِىُ الْأَمِينُ».. ومصر لا يصلح لها الحاكم الضعيف حتى وإن كان صالحاً تقياً.. فالحاكم الضعيف فتنة.. وقد سئل الإمام أحمد بن حنبل «نغزو مع الأمير القوى الفاجر.. أم مع الضعيف الصالح؟»، فقال لهم: «اغزوا مع الأمير القوى الفاجر لأن قوته للمسلمين وفجوره لنفسه ولا تغزوا مع الأمير الضعيف الصالح.. لأن صلاحه لنفسه وضعفه للمسلمين».
البابا شنودة الثالث حوّل الكنيسة المصرية خلال الأربعين عاماً الماضية من مؤسسة كهنوتية بحتة إلى مؤسسة اجتماعية ثقافية تعليمية سياسية علاجية.. تكاد تنافس مؤسسة الدولة وقد تتفوق عليها فى بعض المجالات، خاصة الاجتماعية والتعليمية، فضلاً عن الاهتمام بكافة شرائح المسيحيين.. فالطفل والمرأة والعجائز والشباب لهم برامج متنوعة فى الكنيسة تتناسب مع أعمارهم وأفكارهم، فضلاً عن تطوير اهتمامات الكنيسة والتى كانت تقتصر قبله على مجرد الوعظ، فأدخل كل الوسائل الدعوية التى انتهجتها الحركات الإسلامية مثل الرحلات الخلوية وزيارة الأديرة المختلفة والأناشيد الدينية والمعسكرات الدينية واستخدام كل الوسائل التكنولوجية الحديثة فى الكنيسة، فضلاً عن استخدام القنوات الفضائية المختلفة، كل ذلك بالإضافة إلى الامتداد الدولى للكنيسة المصرية فى أوروبا وأمريكا وكندا واستراليا واليونان، وبهذا حوّل الكنيسة المصرية من كنيسة محلية إلى دولية.
ولو استطعنا نحن أن نحوّل المسجد إلى مؤسسة شاملة قد تصل لسبعة أدوار تخدم كل الشرائح العمرية والاجتماعية للمسلمين، ويكون فيها المستوصف الخيرى ومؤسسة لإعداد الدعاة والعلماء وأخرى لتحفيظ القرآن بالوسائل العصرية الحديثة، وثالثة لتربية الأيتام تربية متكاملة مع إحياء نظرية الوقف الإسلامى الذى يمكن أن تعالج كل قضايا المجتمع المسلم.
وأن تكون لأهل السنة مرجعية علمية وشرعية صالحة تقية واحدة لا تتبع الحكومة ولا تعاديها ولا تتبع الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية ومتوافقة ومتعاونة معها فى الوقت نفسه.
فالشيعة لهم مرجعيتهم الواحدة.. والأقباط كذلك، أما نحن أهل السنة، فكلما خرج منا عالم متميز أو داعية متفرد أساء إليه البعض وشتمه وشنع عليه آخرون بالباطل والكذب.. وما القرضاوى وغيره منا ببعيد، فمتى تكون لنا تلك المرجعية السنية الواحدة حتى نعيد أيام العز بن عبدالسلام.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة