علمونا ونحن صغار أن النسيان نعمة.. وحتى أكون صريحا معك دعنى أخبرك بأن النسيان فى لحظتنا الراهنة جريمة وكابوس مخيف يأكل تلك الثورة ويصيب القلوب الطموحة والمتطلعة لمستقبل أفضل بالارتعاش والضعف.
هل تتذكر أن لتلك الثورة التى فتحت أبواب البرلمان للإسلاميين وباب الرئاسة لكل من هب ودب شهداء لم يأخذوا حقهم؟، هل يدرك الدكتور الكتاتنى وهو ينعم بالجلوس على رأس البرلمان، ونجيب ساويرس وهو ينعم بتحوله إلى زعيم سياسى، والبرادعى وهو يعيش فى دور القائد الملهم، والمرشحون للرئاسة وهم قاب قوسين أو أدنى من كرسى الرئاسة.. أن لتلك الثورة شهداء ودماء لم يقتص لها أحد حتى الآن؟!
هل يتذكر كل أهل السياسة الذين يتعاركون داخل البرلمان حول تقسيمة «تورتة» الجمعية التأسيسية للدستور أن الكثير من أمهات هذا الوطن سيمر عليهن يوم غد شديد السواد والقهر والحزن، لأن أحدا لن يرتمى فى أحضانهن ويتمتم بكلمات مثل كل سنة وأنت طيبة يا أمى؟، هل يتذكر هؤلاء الذين يسعون للسيطرة على أكبر كم من المناصب أن يوم غد سيمر على الكثير من الأمهات كما تمر المآتم بعد أن كان يمر عيدا تحصل فيه على قبلة سريعة فى زمن أصبحت تنتظر فيه الأمهات أيام الأعياد للقاء الأبناء الذين خطفتهم أشغال الدنيا وسرعتها، ليس فقط لأن كل أم لن تجد شهيدها أمامها بهدية عيد الأم ولكن لأنها أيضا ستشعر بأن دم وليدها ضاع هدرا ثم تلاشى تماما أسفل أحذية المتصارعين على السلطة؟
غدا ستسمع كل أمهات مصر تلك العبارة الموسيقية «كل سنة وأنت طيبة» وترقص قلوبهن على أنغامها، إلا هذا الجمع من الأمهات، والأطفال والأخوات والزوجات، سيفتقدن ذلك دون سبب واضح، ودون تفسير منطقى اللهم إلا إذا ذكرنا.. الإخوة فى البرلمان والحكومة والأحزاب وائتلافات الثورة وانشغالهم بالمكاسب الشخصية.
هؤلاء يستحققن منا هذه «كل سنة وأنتن طيبات»، فلنقف معهن فى الشوارع وأمام المحاكم والبرلمان ونطالب بحقوق أبنائهن، بمجرم واحد على الأقل يدفع ثمن تلك الدماء التى سالت على الأرض حتى يسير فوقها من يستحق ولا يستحق إلى كراسى السلطة، فلنطرق أبوابهن ونرسم على ملامحهن فرحة المشاركة، حتى لا تأتى لحظة تشعر فيها إحداهن بأنها ضحت بكل شىء من أجل لا شىء.
هذه الثورة لم يصنعها أهل السياسة والمعارضة، ولم تصنعها تصريحات البرادعى على تويتر كما يتخيل هو، بل صنعتها دماء الشهداء الذين سالت دماؤهم لتستحلف كل مصرى بألا يترك ميدان التحرير أو شوارع السويس والإسكندرية إلا بعد رحيل مبارك وضمان مستقبل العدالة والحرية لأهله ولأبنائه الصغار.
وبناء على ما سبق اذهبوا إلى كل بيت شهيد فى عيد الأم وقولوا لأمهاتهن كل سنة وأنتن طيبات وأشعلوا ذكرى شهداء الثورة فى عيد أمهاتهن، أطرقوا أبواب بيوتهم وقولوا لكل أم وكل أب وكل طفل أو طفلة إن دماء شهيدهم لن تذهب هدرا، بل جاءت بحرية وكرامة لوطن فقد كرامته طوال 30 سنة، انحنوا على أيادى أمهات الشهداء وقبلوها وأخبروهن بأنكم بديل لأبنائهن الذين راحوا فداء وطن بأكمله، أخبروهن بأن شهدائهن أحياء عند الله يرزقون، وأحياء فى قلوب الوطن خالدون مكرمون، قولوا لكل أم فقدت ابنها شهيدا إنكم أبناؤها، وقولوا لكل طفل فقد أباه شهيدا إنكم مكانه ستلبون نداءه عند الحاجة لأن فى رقبتكم دينا لا يقدر بمال ولا بخدمات.. اسمه الكرامة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة