إن الرعيل الأول من الليبراالية أضفى سيكولوجية انفعالية للوقوف عند حد إلزامى لما يصبو إليه التحرر الدرامى من براثن التقيد بكل ما هو منبثق عن حب الذات.. هل حضرتك فهمت أى حاجة؟.. بالتأكيد، وأظن لا، لأنى ببساطة باقول أى كلام فاضى، ولكن بعبارات فخيمة وكلمات سمعتها، وليست من النوع الحلمنتيشى، ورغم هذا فأنت لم تفهم شيئا.
وقد يكون ما أوردته هو مجرد مثال لكثير مما نواجهه أنا وأنت من أحداث وحكايات تدور حولنا فنقف أمامها نتساءل: ما هذا الذى يقولون أو يفعلون؟ هو إحنا اللى مش فاهمين ولا هم الذين يفعلون ويقولون أشياء غريبة؟ هو إيه اللى حصل؟ الله هو مين اللى غلطان؟ وتجد نفسك أمام عشرات من الأسئلة بلا إجابة، وبلا فهم، وما من مجيب إلا الرعيل الأول من الليبرالية الذى أضفى سيكولوجية!
أما إن كنت من هؤلاء الذين يزعمون أنهم يفهمون ويحللون فدعنى أضع أمام حضرتك بعض المعضلات التى حيرنى فهمها:
1 - كنا نتندر على عمرو موسى حين قرر شعبان عبدالرحيم أن يكون -كما قال- مطرب حملته الانتخابية، فإذا بنا نجد أن معركة الرئاسة المصرية على قدر ما تحمل من هم وأهمية، فإنها حملت معها عشرات من الشعبان عبدالرحيم، فنجد حملة حازم أبوإسماعيل تنشر له أغنية شعبية تقول كلماتها: يا مصر رئيسك حازم وصلاحه ده أمر ولازم، وأغنية أخرى على موسيقى البوب بعنوان Highway toAbuismaiel تقول كلماتها لو محتار تنتخب مين لا بثينة ولا حمدين، إنسى البيرة واشرب ينسون، ده الشيخ حازم هو المضمون، لا تقول بيكينى ولا حملات الشيخ حازم حيغطى كل الستات وهيييه!
أما حملة أبوالفتوح فقد فاجأت رواد التويتر واليوتيوب بأغنية شعبية هى الأخرى تقول كلماتها الصاخبة، يا ولاد بلدنا علشان بلدنا أبو الفتوح لا أمريكانى ولا بريطانى ولا إيرانى ده راجل مسؤول مش من الفلول وهيييه!.
طيب أن تلجأ الحملات الانتخابية للأغانى كوسيلة جذب مش مشكلة، فما أجمل الغناء، ولكن مطلوب مواصفات صوتية لمن يؤديها، ولكن للأسف كلها أصوات ما أنكرها، والأهم والذى يؤرقنى بالفعل هو أننى كنت أتصور أننا أخيراً بعد أن مضى بى قطار العمر سأعيش ولن أسمع أغنيات مثل اخترناه، وياريسنا، يا حبيبنا، وغيرها، فإذا بى أعيش لا لأسمع أغنيات للرئيس، ولكن لمجرد مرشح محتمل أن يكون رئيساً، طيب أمال لما يبقى رئيس حيغنوا له إييييه؟!
2 - قرر بعض الشباب فى هوجة إطلاق أسماء لمرشحين أو حالمين بالترشح للرئاسة، أن يطلقوا اسم الراقصة السابقة والممثلة حالياً هياتم كمرشحة محتملة للرئاسة.. هزار يعنى.. ولكن ما هى إلا أيام وخرجت علينا هياتم بشحمها ولحمها وهى التى لم يكن يسعى أى صحفى لإجراء حوار معها، خرجت فى حوار لتعلن أن كل رجال الدولة فى النظام السابق سعوا وراءها، طيب الشباب بيهزر خدتيها إنت جد ليييه؟!
3 - فضل شاكر فنان صاحب صوت ومن بين من كان دائماً يقال عنهم من أصوات الزمن والغناء الجميل، هزته أحداث سوريا الشقيقة وخرج يلعن الأسد الصغير.
فنان شجاع وصاحب موقف ومن حقه كأى مواطن عربى أن يرفض ظلم الشعوب وأن يخرج مع سلفيى بيروت مناهضاً للأسد، ولكن ما هى إلا أيام وبدلا من أن يكون ضيفاً فى روتانا سينما ولاّ مزيكا أو حتى قناة الحياة يتحدث عن دور الفن وكلمة الفن فى وجه الطغيان، وجدناه ضيفاً على قناة الناس السلفية ليعلن اعتزاله الغناء.
مش مشكلة.. حقه أن يعتزل وإن كان أجدر به أن يغنى للمظلومين ويسجل بصوته كلمة حق فى وجه سلطان جائر، ولكن هو حر، فليعتزل، ولكنه خرج ليحرم الغناء ويتحول لمعول ضد الفن.. طب اعتزل أنت حر، ولكن لِمَ تحرم علينا وتحرمنا من نغمة حلوة أو شجية أو أبية فى زمن صعب، ليييه؟!
وعليه، فإن الرعيل الأول من الليبرالية أضفى سيكولوجية انفعالية وهيييه!.