يصر الإخوان على التعامل بنفس طريقة الحزب الوطنى، ويرفضون الاستماع إلى الأصوات التى تنتقد أداءهم، يستمعون لأنفسهم وأنصارهم فقط، ويرون أنهم طالما حصلوا على الأغلبية فى البرلمان، فمن حقهم كتابة الدستور بالطريقة التى تريحهم، مستندين فى هذا إلى إعلان دستورى ملتبس، ويفسرون كل التباس لصالحهم، ويقول الإخوان والسلفيون إن 38 من 100 ليس رقما كبيرا، متجاهلين أن 100 شخص يمثلون 85 مليونا، وكل شخص يمثل حوالى 8.5 مليون، الجماعة تجاهلت وضع علماء، وأصرت مع حلفائها الحاليين على تشكيلة تستغل سوء تقدير واضعى الإعلان الدستورى.
كان الإخوان من قبل يختلفون مع التيارات الأخرى، وفى هذه المرة تركوا كل حلفائهم ومسانديهم السابقين، ودخلوا حلفا مرحليا مع السلفيين، حصلوا على الأغلبية، ويتعاملون مثلما كان يفعل نظام مبارك، يدخلون فى معركة مع الجميع من أجل السلطة بما فيها الحلفاء الانتخابيون، ينقلبون على وعود سابقة بالتوافق والتنسيق، لقد كان الحزب الوطنى ومبارك ونظامه يحتكرون، والجماعة تفعل بطريقة أخرى، نصف ديمقراطية ونصف ديكتاتورية. يتصدون ومعهم حلفاؤهم السلفيين لكتابة الدستور، مع علمهم أن الدستور يجب أن يأتى معبرا عن المصريين بكل طوائفهم وفئاتهم، وهو ما يستدعى مشاركة الجميع.
أيضا فإن الجماعة تتداخل مع الحزب، وتصدر بيانات ضد المجلس العسكرى، والجماعة لا وجود لها على أرض الواقع، بعد وجود حزب الحرية والعدالة، لكنه الخلط الذى يكشف عن استمرار الجماعة والحزب والتنظيم معا، فى تركيبة غير مسبوقة.
فى قصة الخلاف بين الجماعة والمجلس العسكرى، فإن الجماعة تشير إلى أن هناك اتجاها من المجلس للتلاعب فى انتخابات الرئاسة، ناسين أن نفس المجلس هو الذى أجريت الانتخابات التى جاءت بالإخوان فى وجوده، وكأنه كان ديمقراطيا عند نجاحهم فقط، المفارقة الأخرى، فهى أن الجماعة وحزبها يقدمون مقدمات وبيانات خاطئة يتهمون الجنزورى وحكومته بأنهم يقودون الثورة المضادة، وهى مفارقة غريبة لأن الجماعة وأغلبيتها البرلمانية هى التى دعمت الجنزورى، ومفارقة أخرى أنهم يدعون لمليونية لإسقاط الحكومة، وهم الذين عارضوا المليونيات من قبل، هم يريدون لعب دور الأغلبية والمعارضة وتصوير الأمر على أنه فشل للحكومة، مع أنهم شركاء، فقد تصدى المجلس لمذبحة بورسعيد ولم يفعل فيها شىء، ويقف عاجزا عن مواجهة الاحتجاجات، ولم يصدر أى تشريعات لمواجهة العدوان على أراضى الدولة، أو إنقاذ العشوائيات، والتأمين الصحى الذى يحتاج إلى تشريع، والمجلس نفسه عطل مشروع القانون.
الخلط ليس فقط فى تأسيسية الدستور لكن فى الخلط بين الجماعة والحزب والبرلمان والتنظيم، فى تجربة تنبئ بالمزيد من التعقيد. كل حزب أو تيار له أول وله آخر إلا الإخوان تتداخل معهم التفاصيل وتتعقد تحالفاتهم ومناوراتهم مع الجميع، وهى شطارة سياسية على مستوى الحاضر، لكنها قد لا تكون مضمونة فى المستقبل، والحزب الوطنى ليس أفرادا لكنه طريقة تفكير.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة