أين ذهبت أغانى «مشاركة لا مغالبة»، و«كل شىء بالخناق إلا وضع الدستور بالإتفاق والتوافق»؟، كيف وصلنا إلى تلك المرحلة التى تتعارك فيها كل القوى السياسية على جثة الثورة، بينما يجلس المجلس العسكرى على كرسى فى أعلى منصة مستمتعا بحالة التخوين والتهميش التى يمارسها كل تيار ضد الآخر..
كل الجدل الدائر حول الجمعية التأسيسية للدستور لا يمكن رؤيته للأسف إلا من خلال كونه المسمار الأخير فى نعش التوافق الوطنى، ومع استمرار وتوالى الانسحابات والاعتراضات على الطريقة التى تم بها تشكيل الجمعية التى ستضع الدستور وتصدير التيارات الدينية لودن من طين وودن من عجين، لم أجد كلاما أشرح لك من خلاله الوضع أفضل مما كتبه الزميل والنائب مصطفى النجار فى الزميلة «المصرى اليوم» عن الخيبة الثقيلة المسماة بالجمعية التأسيسية وأسباب الانسحاب منها والتى جاءت كالتالى:
أولا: ما حدث ليس انتخاباً بل تعيين مباشر عبر قائمة أعدت مسبقاً بين حزبى الحرية والعدالة والنور، ولم يكن للانتخابات معنى لأن نواب الحزبين كانوا يحضرون جلسة الانتخابات وفى أيديهم القائمة المختارة، ولم يبذلوا جهدا إلا فى نقل الأسماء إلى الورقة الأخرى وحين مازحت نائبا إخوانيا وقلت له إنه كان من الأسهل أن تأتى الورقة مطبوعة ومختومة وتقوم بوضعها فى الصندوق لتوفير الجهد، ابتسم وقال لى: «الالتزام الحزبى أولا وإخواننا عارفين الأفضل وأكيد اختياراتهم صح».
ثانيا: شهور طويلة والرأى العام يتحدث عن معايير اختيار اللجنة التأسيسية، لكن قررت الأغلبية البصق فى وجوه الجميع واختارت معياراً واحداً لدخول اللجنة التأسيسية، وهو أن يختارك حزبا «الحرية والعدالة» و«النور».
ثالثا: سنقول اليوم شيئاً وغداً نتراجع عنه وليس من حق أحد أن يراجعنا، كانت هذه هى القاعدة الأساسية للأغلبية خلال عملية اختيار التأسيسية، فقد أعلن الإخوان أن مقترحهم هو أن تكون نسبة التمثيل من خارج البرلمان %60، ثم تراجعوا عن ذلك قبل التصويت بلحظات وقالوا %50 من داخل البرلمان و%50 من خارجه، وكذلك أعلنوا أن نسبة %25 ستكون ممثلة للهيئات والجهات المختلفة، وتراجعوا عن ذلك أيضا قبل التصويت بلحظات.
رابعا: تقريبا تم استبعاد كل شباب الثورة من عضوية اللجنة التأسيسية.
خامسا: تهميش المرأة المصرية واستمرار إقصائها من قبل الأغلبية، فاقتصر تمثيلها على نسبة لم تتجاوز %6، وحين تسربت نسبة السيدات الممثلات فى اللجنة صُدمت وسألتُ زميلاً من الأغلبية وقلت له: هل تليق هذه النسبة بالمرأة المصرية بعد الثورة؟! فقال: «إحنا مش لاقيين ستات ينفعوا يدخلوا اللجنة».
سادسا: احتكرت الأغلبية حق معرفة الأسماء التى تم اختيارها باللجنة التأسيسية، ومُنع بقية الأعضاء من التعرف على هذه الأسماء وصفاتها وخبراتها.
سابعا: بعد أن كان الحديث من الأغلبية سابقا عن ضرورة التوافق الوطنى أصبح هناك اتجاه جديد يقول لك نحن الأغلبية وقد حازت أحزابنا على ثقة الشعب، ومن حقنا أن نفعل ما نشاء.
هذه شهادة رجل أحسبه عند الله صادقا ومخلصا لهذا الوطن حول مهزلة أحسبها نقطة تحول فى شكل العلاقة بين القوى السياسية وبعضها وبين التيارات الدينية السياسية والشارع المصرى.. ولكن المؤكد أنها شهادة شاهد عيان عن جريمة كبرى لخنق هذا الوطن.. فهل تفيد؟!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة