ألهذه الدرجة كان منهج الحزب الوطنى متجذرا فى أذهان معارضيه وخصومه؟
لهذه الدرجة كان صفوت الشريف وكمال الشاذلى وأحمد عز وجمال مبارك وفتحى سرور أساتذة ومعلمين لمهدى عاكف ومحمد بديع ومحمد مرسى وسعد الكتاتنى ومحمد البلتاجى وحسين إبراهيم، وغيرهم من العقائديين المتعصبين فى مكتب الإرشاد؟
طيب، ماذا عن درس انتخابات 2010؟ ماذا عن البرلمان الموازى و«خليهم يتسلوا» وانتفاضات الشوارع وإحراق المواطنين لأنفسهم، هل تناسى قيادات الإخوان فى الجماعة والحزب، أو فى الحزب ولجنة السياسات، هذه الدروس رغم إشارة الكثيرين لها، وللعبرة المستخلصة منها؟ ولماذا يصرون مع سبق الإصرار والترصد على إعادة تجربة «الوطنى» المنحل على اعتبار أنها التجربة الصالحة لمصر وشعبها، وأن العيب كان فى تطبيق «الوطنى» ورجال «الوطنى».
المرشد العام محمد بديع خرج علينا بتصريحات يقول فيها: «إن الجماعة قررت الدخول فى سباق الرئاسة لأن الظروف الحالية أرغمتنا على التفكير فى ذلك حماية لمصر»! ولن أتكلم هنا عن الوضع السياسى الشاذ لـ«الجماعة»، ومدى قانونية تقدمها، وليس ذراعها السياسية «الحرية والعدالة»، بمرشح للرئاسة، أو تنطعه بالقول «حماية لمصر»، لكننى سأتابع تصريحات بديع التى يلخص فيها عوامل انهيار «جماعته وحزبه» ليس فى ثلاثين سنة كما حدث مع «الوطنى»، لكن فى ثلاث سنوات على الأكثر.
انظروا لمدى الصلف والاستقواء الفارغ الذى تلبّس السيد المرشد وهو يقول «نحن ملاك دولتنا، واستطعنا إقامة التروس ومنها ترس البرلمان والنقابات والجامعات وسنقيم الدستور وبعده رئيس الجمهورية الذى سيكون خادما للأمة».. ياسلام!
هكذا يفكر رأس دولة الإخوان داخل الدولة المصرية، هكذا يطبقون شعارهم الزائف «مشاركة لا مغالبة» هكذا يعمدون إلى السيطرة على جميع مفاصل الدولة بالتدريج والمناورة والكذب السياسى الفاضح، والانقلاب على تحالفاتهم، لا يحركهم فى ذلك إلا روح الانتقام من أنظمة الدولة المصرية على مدى الثمانين عامًا الماضية، ولا يدفعهم إلى «التكويش» على الحياة السياسية إلا شهوة السلطة والتحكم، وإقصاء سائر الأطياف الفاعلة فى الحياة السياسية كرد فعل على إقصاء تعرضوا له خلال العقود الماضية.
للأسف الشديد يضيّع «الإخوان» الفرصة تلو الأخرى لبناء حياة سياسية سليمة، ويؤكدون كل يوم أنهم لا يمكن- بحكم الطبيعة البنيوية للجماعة كحركة سرية فاشية- إلا أن يكونوا فى مربع القامع أو المقموع، إما أن يتسلطوا ويستبدوا ويهيمنوا مثل الحزب الوطنى المنحل، أو يتبوأوا مواضعهم فى السجون والمعتقلات، أمّا أن يكونوا شركاء فى الحياة السياسية، فهذا بالضبط هو رابع المستحيلات بعد الغول والعنقاء والخِل الوفى!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة