هناك نظرية فى علم الجريمة والمخابرات تقول: حينما تحدث واقعة ما فمن العبث أن تبحث عن ملابساتها وأساليب تنفيذها لتكتشف الفاعل قبل أن تبحث عن «المستفيد».
بتطبيق تلك النظرية على واقعنا السياسى وحالة الاحتقان المتبادلة بين أطياف الشعب المصرى ما بين من نصبوا أنفسهم متحدثين باسم الله والمثقفين التنويريين نجد أن المستفيد الوحيد من هذه الحالة هو التيار الإسلامى نفسه، إذ يحشد أنصاره تحت دعاوى الحرب على الله ورسوله، مصرا على تكفير من يخالفه حتى وإن كان إيمانه واضحا وضوح الشمس، فكلما خمدت نار الفتنة أشعلها المتأسلمون المتطرفون ليدفئوا بها ويسمنوا منها، وما الله بغافل عمن يتاجر بدينه، وما كان الله ليترك الأفاكين.
كراسى فى مجلس الشعب، نفوذ فى الحكومة، تعاملات تجارية خرافية، مضاعفة نسبة المشاهدة للقنوات الدينية، تبرعات عينية ومادية، زيادة فى أعداد التابعين، علاقات داخلية وخارجية، تعددت المغانم والسبب واحد، هو إيهام عموم المصريين بأنهم فى معركة وأن دينهم فى خطر ما لم يدافعوا عنه، مع تغذية الروح الإسلامية النقية العفوية الصادقة بنظريات المؤامرة وأتباعها، وبث روح الاضطهاد فى الأنفس كيف يشعر الواحد بأن وجوده مهدد، وللحبكة، فلا مانع من اختلاق قصص وهمية عن «القوم الذين» و«القوم الآخرين» مع مغالطة الحقائق وتزييف التاريخ ولى أعناق النصوص، ومن يتجرأ على قول الحق أو ما يعتقد أنه الحق، يصبح مصيره الرجم والقذف والموت إن أمكن.
يا أخى، فكر بعقلك وإنى أثق فيه رغم ما تعرض له من تشويه، اسأل نفسك أو اسأل أحدا من مشايخك بقوة وجرأة: من الذى وقف بشدة مع الإسلاميين فى وجه مبارك؟ ومن الذى مد يده للإسلاميين فى الميدان وكان أخا وصديقا؟ ومن الذى ناضل من أجل إيقاف المحاكمات العسكرية للإسلاميين قبل الثورة؟ ومن الذى طالب بإنشاء حزب للإخوان المسلمين وقت أن كان اسمها فى وسائل الإعلام الرسمية «المحظورة»؟ ومن الذى أقام الدنيا ولم يقعدها حينما مات سيد بلال بينما مشايخ السلفية والإخوان كانوا فى الصمت واقفين؟
إن وجدت لديهم إجابة فعد واسألهم: ما الذى يختلف فى الليبرالية عن قول رب العزة «من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر» أو «لكم دينكم ولى دين» أو «كل نفس بما كسبت رهينة» ولماذا يكفر الشيوخ الليبراليين وهم يعلمون أنهم يشهدون ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله؟ إن أجابوك اسألهم مرة أخرى: أليس الصحابى الكريم أبو ذر الغفارى كان اشتراكيا بمعنى أو بآخر، ويريد توزيع الثروة وإعطاء الفقير حقه، ويحارب الاحتكار واستحواذ السلطة دون وجه حق؟ فلماذا يكفر الشيوخ اليساريين ويرمونهم بالباطل؟
سيقول لك شيخك إن سألته: مادامت كل هذه المناهج النظرية تتشابه مع ما فى الإسلام فلماذا لا يقول الليبراليون واليساريون إنهم إسلاميون؟ وأقول لك إن الإسلام أكبر من أن يصاغ فى نظرية سياسية تتبدل بحسب الأهواء أو الظروف، وعدم إطلاق اسم الإسلام على هذه النظريات يأتى من عجزها عن مناسبة كل زمان ومكان، ولذلك يخشى معظم المفكرين والسياسيين المستنيرين من إلصاق صفة العجز بديننا الحنيف بينما لا يخشى من اتهام الإسلام بالباطل واحد مثل «البلكيمى» الذى قال بعد فضيحة كذبه وموقعة أنفه ردا على ادعاء مطربة إنها زوجته: «من يسىء إلى «البلكيمى» يسىء إلى الإسلام»!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة